قصة قصيدة ثوى بمكة بضع عشرة حجة
أمّا عن مناسبة قصيدة “ثوى بمكة بضع عشرة حجة” فيروى بأنّه عندما أذن الله للرسول بالهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وخرج من مكة، ووصل خبر لك إلى الأنصار من أهل المدينة، أصبحوا يخرجون كل يوم إلى منطقة يقال لها الحرة، لكي يستقبلوه، وكانوا يخرجون في الصباح، حتى وقت الظهيرة، فيعودون إلى منازلهم من شدة الحر، وفي يوم الإثنين الثاني عشر من الربيع الأول خرج رجل من اليهود لأمر له، فرأى الرسول ومعه أصحابه، فأخذ يصيح قائلًا: يا أهل المدينة، هذا صاحبكم قد وصل، هذا من تنتظرونه، فخرج كل أهل المدينة ومعهم سلاحهم لكي يرحبوا برسول الله صل الله عليه وسلم، وكانوا يكبرون من شدة فرحهم، فاستقبلوه ورحبوا به، وأخذوا يحدقون به وهم من حوله.
وعندما وصل الرسول إلى المدينة نزل في مكان يقال له قباء، وأقام عندهم أربعة عشر يومًا، وبدأ ببناء مسجدًا هنالك، وهو أول مسجد بني بعد النبوة، وبعد ذلك كان يوم الجمعة، ركب رسول الله صل الله عليه وسلم على ناقته، وخرج، فحان وقت صلاة الجمعة، وكان وقتها عند بني سالم بن عوف، فصلى بهم في مسجد عندهم، ومن ثم خرج على ناقته، فأمسك الأنصار بلجام ناقته، وهم يطلبون منه أن يقيم عندهم، وهو يطلب منهم أن يتركوا الناقة، كونها مأمورة، وهي تسير في المدينة، وكلما تمر على بيت من بيوت الأنصار، يطلبون منه أن يقيم عندهم، فيقول لهم: دعوها في مأمورة، واستمرت الناقة بالمسير حتى وصلت إلى موقع المسجد النبوي، وجلست هنالك، ولكن الرسول لم ينزل عنها، فعادت ومشت قليلًا، ثم عادت وجلست في نفس الموضع، فنزل الرسول عنها، وأقام بيته ومسجده هنالك.
وفي خبر ذلك أنشد حسان بن ثابت قائلًا:
ثَوى بِمَكَّةَ بِضعَ عَشرَةَ حِجَّةً
يُذَكِّرُ لَو يَلقى خَليلاً مُؤاتِيا
وَيَعرِضُ في أَهلِ المَواسِمِ نَفسَهُ
فَلَم يَرَ مَن يُؤوِي وَلَم يَرَ داعِيا
فَلَمّا أَتانا وَاِطمَأَنَّت بِهِ النَوى
فَأَصبَحَ مَسروراً بِطَيبَةَ راضِيا
وَأَصبَحَ لا يَخشى عَداوَةَ ظالِمٍ
قَريبٍ وَلا يَخشى مِنَ الناسِ باغِيا
بَذَلنا لَهُ الأَموالَ مِن جُلِّ مالِنا
وَأَنفُسَنا عِندَ الوَغى وَالتَآسِيا
نُحارِبُ مَن عادى مِنَ الناسِ كُلَّهِم
جَمعاً وَإِن كانَ الحَبيبُ المُصافِيا
وَنَعلَمُ أَنَّ اللَهَ لا رَبَّ غَيرُهُ
وَأَنَّ كِتابَ اللَهِ أَصبَحَ هادِيا
نبذة عن حسان بن ثابت
حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، أبو الوليد، صحابي وشاعر الرسول صل الله عليه وسلم.