قصة قصيدة حلومكم يا قوم لا تعزبنها:
أما عن مناسبة قصيدة “حلومكم يا قوم لا تعزبنها” فيروى بأنّه في يوم من الأيام التقى طريف بن العاصي الدوسي والحارث بن ذبيان وهو واحد من المعمرين عند رجل من رجال حُمير، فأخذ كل واحد منهما يتفاخر بمن هو ومن أي قبيلة هو، وما يملك، وبينما هما كذلك سأل الرجل الحارث قائلًا: ما هو السبب الذي جعل قومك يخرجون من ديارهم، ويلحقون بالنمر بن عثمان؟، فقال له الحارث: سوف أخبرك، لقد خرج في يوم هجينان منا، وكانا يرعيان الأغنام، وبينما هما يرعيان، حدث بينهما خلاف، فأخرجا سيوفهما وبدأ يتعاركان، حتى قتل رجلهم رجلنا، فأقبل قومهم علينا يريدون أن يعطوننا دية الهجين، وهي نصف دية الصريح، ولكننا رفضنا إلا أن نأخذ دية الصريح، وقد كان اسم رجلنا ذهين بن زبراء، واسم رجلهم عنقش بن مهيرة، فتفاقمت الأمور بين قومنا وقومهم، فأنشد أحدنا قائلًا:
حلومكم يا قوم لا تعزبنها
ولا تقطعوا أرحامكم بالتدابر
وأدوا إلى الأقوام عقل ابن عمهم
ولا ترهقوهم سبةً في العشائر
فإن ابن زبراء الذى فاد لم يكن
بدون خليف او أسد ابن جابر
فإن لم تعاطوا الحق فالسيف بيننا
وبينكم والسيف أجور جائر
ومن ثم أكمل الحارث قائلًا: ومن بعد ذلك تظافروا علينا حسدًا، فأجمع جماعة منا على أن نلحق بالنمر بن عثمان، بعد أن نقتل أحد رجالهم ثأرًا لصحبنا، فثأرنا له ومن ثم توجهنا إلى النمر بن عثمان، وبينما هو يتكلم قاطعه طريف بن العاصي وقال: والله إني لم اسمع في حياتي أحدًا يكذب كما تكذب أنت الآن، والله إنكم لم تقتلوا بهجينكم حملًا، لقد أخرجكم خوفكم من دياركم، فأصبحتم قليلين ذليلين، فقال له الحارث: أتخاطبني أنا بمثل هذا القول، ثم أنشده قائلًا:
وإن كلام المرء في غير كنهه
لكالنبل تهوى ليس فيها نصالها
حالة الشاعر عندما ألقى هذه القصيدة:
كانت حالة الشاعر عندما ألقى هذه القصيدة الفخر بقومه وبالرجل من أهله الذي قتل، وتهديد من قتلوه بأنّهم إن لم يدفعوا ما عليهم من ديه فبينهم السيوف والقتال.