قصة قصيدة دعوت المنى ودعوت العلى
أمّا عن مناسبة قصيدة “دعوت المنى ودعوت العلى” فيروى بأن أبا الفتح بن العميد كان في مدينة بغداد مع الخليفة عضد الدولة، وعندما توجه عضد الدولة إلى بلاد فارس بعث إلى أبي الفتح أن يخرج من بغداد إلى الري، وعندما وصله الكتاب من الخليفة، لم يخرج وبقي في بغداد، حيث كان المقام في بغداد قد اعجبه، وامتلك هنالك العديد من الأملاك والبيوت، وكان يعزم أن يعود إليها في حال مات ركن الدولة، وتقرب من رجل يقال له بختيار، ثم أصبح يكتب إليه، وفي كتبه كان يكتب أشياء يكرهها عضد الدولة.
وكان لعضد الدولة رجل عند بختيار، وكان هذا الرجل هو من يعرض الكتب عليه، وكان كلما عرض عليه كتاب، بعث إلى عضد الدولة ما في هذا الكتاب، ومن هذه الكتب كان يبعث له كتب أبو الفتح.
وعندما أصبح عضد الدولة خليفة من بعد أن توفي أبيه، بعث إلى أخيه فخر الدولة، وكان وقتها في الري، بأن يقوم بالقبض على أبي الفتح، وعلى جميع أهل بيته، وعلى كافة أصحابه، ففعل أخوه كما أمره.
وكان أبو الفتح قبل أن يقبض عليه، جالسًا في بيته، وقام بدعوة أصدقائه والمغنين، وأخرج للمغنين آلات من الذهب، وأخرج لهم أفضل أنواع الطيب، فأخذ القوم يشربون، وكان قد عمل شعرًا، واعطاه للمغنين حتى يغنوه، وقد قال في هذا الشعر:
دعوت المنى ودعوت العلى
فلمّا أجابا دعوت القدح
وقلت لأيّام شرخ الشباب
إليّ فهذا أوان الفرح
إذا بلغ المرء آماله
فليس له بعدها مقترح
وعندما قام المغنون بغناء شعره، فرح به، وأخذ يشرب حتى ذهب عقله، فقام وقال لغلمانه: أتركوا المجلس على الحال التي هو عليها، لنستيقظ في الغد، ونكمل جلستنا، وفي الغد، أحضروا مبكرًا، ولا تتأخروا، فانصرف من عنده ندمائه، ودخل إلى غرفته لكي ينام، وفي الصباح قام مؤيد الدولة بدعوته إلى مجلسه، وعندما أتاه، ألقى القبض عليه، وبعث برجاله إلى بيته، فأخذوا كل ما فيه، ومن ضمنه المجلس بما فيه.
نبذة عن أبي الفتح بن العميد
محمد بن الحسين بن محمد أبو الفضل بن أبي عبد الله المعروف بابن العميد لقب والده بذلك على عادة أهل خراسان عندما يريدون تعظيم أحدهم، وكان وزير ركن الدولة، ولد في مدينة قم وهي إحدى مدن إيران، وتوفي في مدينة همدان.