نقص عليكم اليوم خبر زواج هند من الفاكه بن المغيرة وطلاقها منه، ومن ثم زواجها من أبي سفيان.
من هو أبو سفيان؟
أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، صحابي من صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم، ولد في مكة المكرمة، وتوفي في المدينة المنورة.
قصة قصيدة رأيت سهيلا قد تفاوت شأوه
أما عن مناسبة قصيدة “رأيت سهيلا قد تفاوت شأوه” فيروى بأن هند بنت عتبة قد تزوجت من أحد فتيان قريش يقال له الفاكه بن المغيرة المخزومي، وكان للفاكه بيت يضيف به الناس، وفي يوم من الأيام أقام في ذلك البيت، وفي ذلك اليوم خرج من البيت لقضاء حاجة، وبقيت هند لوحدها نائمة، فأتاه ضيف، ودخل إلى بيته، ووجد هند نائمة، فخرج من فوره من البيت، وبينما هو خارج رآه الفاكه، فدخل إلى زوجته وأيقظها من النوم، وسألها عن الرجل الذي رآه خارج من بيته، فأقسمت بانها لم تستيقظ من نومها إلا عندما أيقظها، ولكنه لم يصدقها، وبعث بها إلى ديار أهلها.
فأتت هند أبيها وأخبرته بخبرها، وأقسمت له بأنها لم تر الرجل، فخرج إلى زوجها واحتكم معه إلى كهان اليمن، وبرأها الكاهن أمام جميع الحاضرين من قريش ومن المخزوميين ومن بني عبد مناف، ومن ثم حاول زوجها أن يعيدها إليه، ولكنها رفضت.
وبعد ذلك بمدة من الزمان قالت هند لأبيها: يا أبتي، إنك قد زوجتني من الفاكه ولم تستشرني في ذلك، فلا تزوجني من غيره حتى تستشيرني في أمره، فأتى يخطبها سهيل بن عمرو، وأبو سفيان، فأتاها والدها، وأنشدها قائلًا:
أتاك سهيل وابن حرب وفيهما
رضا لك يا هند الهنود ومقنع
وما منهما إلا يعاش بفضله
وما منهما إلا يضر وينفع
وما منهما إلا كريم مرزأ
وما منهما إلا أغر سميدع
فدونك فاختاري فأنت بصيرة
ولا تخدعي إن المخادع يخدع
فقالت له هند: اذكر لي خصالهما حتى أتبين أمري، فذكر لها خصال كل واحد منهما، واختارت أن تتزوج من أبي سفيان، فتزوجها، وأنجبت منه معاوية ويزيد، وفي خبر ذلك أنشد سهيل بن عمرو قائلًا:
نبئت هندا تبر الله سعيها
تأبت وقالت وصف أهوج مائق
وما هوجي يا هند إلا سجية
أجر لها ذيلي بحسن الخلائق
ولو شئت خادعت الفتى عن قلوصه
ولا طمت بالبطحاء في كل شارق
ولكنني أكرمت نفسي تكرما
ورافعت عنها الذم عند الخلائق
وإني إذا ما حرة ساء خلقها
صبرت عليها صبر آخر عاشق
فإن هي قالت خل عنها تركتها
وأقلل بترك من حبيب مفارق
فإن سامحوني قلت أمري إليكم
وإن أبعدوني كنت في رأس حالق
فلم تنكحي يا هند مثلي وإنني
لمن لم تمقني فاعلمي غير وامق
وعندما وصل شعره إلى أبي سفيان قال: والله لو أني أعلم شيئًا يرضيه سوى طلاقها لفعلته، وبعد أن بالغ سهيل في التنقص من أبي سفيان، أنشد أبو سفيان قائلًا:
رأيت سهيلا قد تفاوت شأوه
وفرط في العلياء كل عنان
يقول أبو سفيان في هذا البيت بأنه قد رأى سهيل بن عمرو قد بلغ شأنًا عاليًا كأنه قد بلغ عنان السماء.
وأصبح يسمو للمعالي وإنه
لذو جفنة مغشية وقيان
وشرب كرام من لؤي بن غالب
عراض المساعي عرضة الحدثان
ولكنه يوما إذا الحرب شمرت
وأبرز فيها وجه كل حصان
فاكفيه مَالا يُسْتَطَاع دفاعه
وألقيت فِيهَا كلكلي وجراني
الخلاصة من قصة القصيدة: تزوجت هند بنت عتبة من الفاكه بن المغيرة، ولكنه اتهمها بشرفها، وعندما احتكم هو وإياها إلى كاهن في اليمن، وعلم بأنها بريئة، حاول أن يعيدها، لكنها رفضت، وتزوجت من أبي سفيان.