قصة قصيدة ربما ضربة بسيف صقيل
أمّا عن مناسبة قصيدة “ربما ضربة بسيف صقيل” فيروى بأنه عندما أصبح المنذر بن ماء السماء ملكًا على الحيرة، وأصبح مستقرًا في ملكه، وضمن بأنه لا يوجد ما يعكر صفو مملكته، جهز جيشًا كبيرًا، وتوجه في يوم من الأيام صوب الحارث بن جبلة، وهو ملك الغساسنة، الذي كان قد قتل أباه، وكان مسيره نحوهم للثأر لأبيه، وبينما هو في الطريق إليه بعث له بأنه قادم إليه بجيش كبير، فبعث له الحارث بأنه ينتظره بجيش أكبر، وسار الجيشان حتى التقيا في مكان يقال له مرج حليمة.
واشتبك الجيشان في القتال، واستمرت الحرب بينهم أيامًا عديدة، من دون أن يتمكن أحد الجيشين من الانتصار على الآخر، وعندما رأى الحارث ذلك، توجه عائدًا إلى قصره، وجلس في مجلسه، ودعا ابنة له شديدة الجمال، وأمرها بأن تمسك بزجاجة من الطيب، وتطيب بها من يمر أمامها من الجنود، ، فأصبح الجنود يمرون من أمامها، وهي تطيبهم، ومن ثم وقف الحارث أمام الجيش، وأخبرهم بأنه من يقوم بقتل المنذر بن ماء السماء سوف يتزوج من ابنته، فأخذ الجنود يتزاحمون على قتل المنذر، حتى تمكن رجل يقال له لبيد الغساني من قتله.
وبعد أن قام بقتله، قطع رأسه، وأمسك بها، وتوجه صوب القصر، ودخل إلى مجلس الحارث، ووضع الرأس بين يديه، فقال له الحارث: لقد زوجتك من ابنتي، فقال للملك بأنه سوف يعود للقتال، وبعد أن ينتهي سوف يتزوج منها، وعاد للقتال، وبقي يقاتل حتى قتل، ولكن الغساسنة في النهاية انتصروا في تلك الحرب، وفي خبر ذلك اليوم أنشد الشاعر ابن الرعلاء قصيدة قال فيها:
رُبَّما ضَربَةٍ بسيفٍ صَقِيلٍ
دُونَ بُصرَى وَطَعْنَةٍ نَجلاءِ
وغَمُوسٍ تَضِلُّ فيها يَدُ الآسِى
ويَعيَى طبِيبُها بالدَواءِ
رفعُوا رايةَ الضِرابِ وآلو
لَيَذُودُنّ سامِرَ المَلحاءِ
فَصَبَرْنَ النُّفُوسَ للطَّعنِ حتَّى
جرَتِ الخيلُ بينَنا في الدماءِ
لَيْسَ مَنْ ماتَ فاِستراحَ بِمَيْتٍ
إنَّمَا المَيْتُ مَيِّتُ الأحياءِ
إنَّما المَيْتُ مَنْ يعيشُ ذليلاً
سِيّئاً بالُهُ قليلَ الرّجاءِ
نبذة عن عدي بن الرعلاء
عدي بن الرعلاء الغساني، وهو شاعر من شعراء العصر الجاهلي، واشتهر بنسبه إلى أمه، وضاع اسم أبيه.