قصة قصيدة رحن في الوشي وأصبحن
أمّا عن مناسبة قصيدة “رحن في الوشي وأصبحن” فيروى بأنه في يوم من الأيام عرضت على الخليفة العباسي المهدي جارية يقال لها الخيزران بنت عطاء، وهي من اليمن، فأعجب بجمالها، وقام بشرائها، وأصبحت مقربة منه، وقد ولدت له موسى الهادي وهارون الرشيد، وأصبحت ذات سلطة قوية، فأصبحت تتدخل في كل صغيرة وكبيرة من شؤون القصر، وحتى أنها كانت تتدخل في أمور الدولة، وأصبح دورها السياسي يكبر شيئًا فشيئًا، حتى أصبحت هي الآمرة والناهية في الدولة، فأصبحت الوفود تأتيها قبل أن تذهب إلى الخليفة نفسه.
كما أنها استطاعت أن تقنع زوجها بأن يضع ابنها هارون الرشيد كولي للعهد، على الرغم من أن موسى الهادي أكبر منه، وأحق منه بالخلافة، لأنها كانت تحبه أكثر من موسى الهادي، ولأنه كان مطيعًا لها، ولكن المهدي توفي قبل أن تتمكن من فعل ذلك.
وبعد أن توفي الخليفة كادت الثورة أن تقوم، حيث قام الجنود بفعل ثورة لكي يستغلوا الفراغ السياسي القائم في بغداد في تلك الفترة، ولكن خيزران بعثت إلى كبار الرجال في الدولة، ومنهم يحيى بن خالد البرمكي، وطلبت منهم أن يجتمعوا معها، ولكي يبحثوا أمور هذه الأزمة التي تمر فيها الدولة، ولكي يتمكنوا من الوصول إلى حل لها، وتمكنت من أن تقوم بتمرير السلطة إلى ابنها موسى الهادي.
وبعد أن تسلم الهادي الخلافة بقيت أمه تتدخل في شؤون الدولة، بل أن تحكمها في الدولة قد ازداد، وكان أهل الدولة يطمعون في شفاعتها، ونفوذ كلمتها في الدولة العباسية، وفي خبر ذلك أنشد الشاعر أبو المعافي المزني قائلًا:
يا خيزران هناك ثم هناك
إن العباد يسوسهم ابناك
وبدأ نفوذها ينتقل من قضاء حاجات الناس، إلى قضاء حاجات كبار رجال الدولة، كالقادة والوزراء، مما جعل الخليفة الهادي يغضب منها، فطلبها إلى مجلسه، وأخبرها بأنه سوف يقوم بقتل أي رجل من كبار الدولة يقوم بطلب شيء منها، وأمرها بأن لا تتدخل في شؤون أهل الدولة، كما أنه قام بجمع كبار الرجال الذين اعتادوا أن يطلبوا منها المساعدة، وأمرهم بالانقطاع عن مقابلة أمه، ففعلوا.
وقد انشد أبو العتاهية في حال الخيزران وجواريها بعد أن توفي الخليفة المهدي قائلًا:
رُحنَ في الوَشيِ وَأَصبَحنَ
عَلَيهِنَّ المُسوحُ
كُلُّ نَطّاحٍ مِنَ الدَهرِ
لَهُ يَومٌ نَطوحُ
نُح عَلى نَفسِكَ يا مِسكينُ
إِن كُنتَ تَنوحُ
لَتَموتَنَّ وَإِن عُمرتَ
ما عُمِّرَ نوحُ
نبذة عن أبو العتاهية
هو إسماعيل بن القاسم بن سويد العنزي، شاعر من شعراء العصر العباسي، ولد في الكوفة وتوفي في بغداد، واتصل بالعديد من الخلفاء العباسيين.