قصة قصيدة رد السلام رسول بعض الناس
أمّا عن مناسبة قصيدة “رد السلام رسول بعض الناس” فيروى بأن الشاعر بهاء الدين زهير أحب فتاة، وتزوج منها، وكان من بعد الزواج منها يحبها حبًا شديدًا، ويغار عليها جدًا من أي أحد، وفي يوم من الأيام كان في مجلس، وأراد أن يخبر من كانوا معه في ذلك المجلس بخبر أخبرته به زوجته، ولكنه لم يرد أن يذكر اسمها أمامهم، خوفًا وغيرة من أن تمر حروف اسمها على آذان من كان في ذلك المجلس، فقال لهم: بعض الناس قالوا كذا وكذا.
وكان لا يذكر اسمها أبدًا أمام أحد، وأصبح دائمًا ما يقول عن خبر سمعه منها، أو فعل فعلته أمامه: بعض الناس قالوا، وبعض الناس فعلوا، وفي حبه لها أنشد في يوم من الأيام قائلًا:
رَدَّ السَلامَ رَسولُ بَعضِ الناسِ
بِاللَهِ قُل يا طَيِّبَ الأَنفاسِ
رَدَّ السَلامَ وَذاكَ عُنوانُ الرِضا
بُشرايَ قَد ذَكَرَ الحَبيبُ الناسي
وَفَهِمتُ مِن نَفسِ الرَسولِ تَعَتُّباً
قَلبُ الحَبيبِ عَلَيَّ قَلبٌ قاسي
قُل يا رَسولُ وَما عَلَيكَ مَلامَةٌ
هُوَ ما أُكابِدُ دائِماً وَأُقاسي
قُل لِلحَبيبِ وَحَقِّ عَيشِكَ ما اِنتَهى
وَلَهي عَلَيكَ وَلا اِنقَضى وَسواسي
كَيفَ السَبيلُ إِلى الزِيارَةِ خَلوَةً
وَيلي مِنَ الرُقَباءِ وَالحُرّاسِ
حَقٌّ عَلَيَّ وَواجِبٌ لَكَ أَنَّني
أَمشي عَلى عَيني إِلَيكَ وَراسي
لا أَشتَهي أَحَداً سِوايَ يَراكَ يا
بَدرَ السَماءِ وَيا قَضيبَ الآسِ
وقال أيضًا:
وَأَنَزَّهُ اِسمَكَ أَن تَمُرَّ حُروفُهُ
مِن غَيرَتي بِمَسامِعِ الجُلّاسِ
فَأَقولُ بَعضُ الناسِ عَنكَ كِنايَةً
خَوفَ الوُشاةِ وَأَنتَ كُلَّ الناسِ
وَأَغارُ إِن هَبَّ النَسيمُ لِأَنَّهُ
مُغرىً بِهَزِّ قَوامِكَ المَيّاسِ
وَيَروعُني ساقي المُدامِ إِذا بَدا
فَأَظُنُّ خَدَّكَ مُشرِقاً في الكاسِ
وفي هذه القصيدة بيتان يعدهما العديد من النقاد أجمل بيتي غزل في الشعر العربي، وهما:
وَأَنَزَّهُ اِسمَكَ أَن تَمُرَّ حُروفُهُ
مِن غَيرَتي بِمَسامِعِ الجُلّاسِ
فَأَقولُ بَعضُ الناسِ عَنكَ كِنايَةً
خَوفَ الوُشاةِ وَأَنتَ كُلَّ الناسِ
نبذة عن بهاء الدين زهير
هو زهير بن محمد بن علي المهلبي العتكي، بهاء الدين، وهو شاعر من شعراء العصر الأيوبي، ولد في مكة المكرمة، ونشأ في إحدى مدن محافظة قنا في مصر، كان كاتبًا وشاعرًا، واشتهر بأنه يرقق الشعر، وكان العامة يحبون شعره، اتصل بخدمة الملك الصالح أيوب، فقربه وجعله من خواص كتابه.