قصة قصيدة شكونا إلى أحبابنا طول ليلنا

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة شكونا إلى أحبابنا طول ليلنا:

أمّا عن مناسبة قصيدة “شكونا إلى أحبابنا طول ليلنا” فيروى بأن إسماعيل بن جامع السهمي وبينما هو في مكة المكرمة، ضاقت عليه الحياة، فقرر أن ينتقل منها، لعل حاله تتغير، فخرج من مكة، وتوجه صوب المدينة المنورة، وأخذ معه زوجته وعياله، وعاش فيها، وفي يوم من الأيام وبينما هو في المدينة، أصبح ولا يوجد في جيبه سوى ثلاثة دراهم، فخرج من بيته وهي معه، وأخذ يمشي في السوق، وبينما هو يمشي لقي جارية بيضاء، وكانت تحمل على رأسها جرة تريد ان تملأها ماءً، وتمشي من أمامه، وهي تنشد بصوت جميل قائلة:

شكَونا إلى أحبابنا طول ليلِنا
فقالوا لنا: ما أقصرَ الليل عِندَنا

وذاك لأنَّ النوم يغشى عُيوُنهم
سَراعًا، ولا يَغشى لنا النوم أعيُنا

إذا ما دَنا اللَّيلُ المُضر بذي الهَوَى
جَزِعنا وهُم يستبشِرون إذا دنا

فلو أنهم كانوا يُلاقون مثل ما
نُلاقي لكانوا في المضاجِعِ مِثلَنا

فأعجب بصوتها، وأوقفها وقال لها: والله لا أعرف أوجهك أجمل، أم صوتك أجمل، ولكني لم أستطع أن أفهم ما أنشدت، فهل يمكن أن تعيديه علي؟، فقالت له: طبعًا ولم لا، ثم استندت إلى حائط كان ورائها، ورفعت إحدى رجليها، ووضعتها على رجلها الأخرى، ووضعت الجرة التي كانت في يدها عليها، ثم أخذت تنشد ما أنشدت من قبل، بصوت من أجمل ما يكون، ولكنّه لم يستطع أن يفهم ما غنت، فقال لها: والله إنك قد أحسنت، وتفضلت، ومن ثم طلب منها أن  تعيد ما غنت مرة أخرى، فأبغضت منه ذلك، وقالت له: والله إني أتعجب من أمركم، الواحد منكم يأتي إلي، ويطلب مني ان أغني له، ويبقى يطلب منها أن تعيد ما تغني، المرة تلو الأخرى، فمد يده إلى جيبه، وأخرج الثلاثة دراهم التي يملكها، وأعطاها لها، وقال لها: خذي هذه الدراهم، وإذا التقينا مرة أخرى أعيدي علي ما أنشدت.

فأخذت الجارية الدراهم، وقالت له: الآن أنت تريد أن تأخذ ما سمعت مني من شعر، وتأخذ مقابله من الخلفاء والأمراء آلاف الدنانير، ثم انصرفت من عنده وهي تنشد، وبعد أن غادرت، حاول إسماعيل أن يفهم ما سمع منها، وأداره في رأسه، حتى فهمه، واستوعب ما سمع منها، فسر بذلك، وتوجه عائدًا إلى بيته.

حالة الشاعرة:

كانت حالة الشاعرة عندما أنشدت هذه القصيدة الشوق إلى من تحب، حيث كان النوم يجافي عيونها، مستغربة من قدرة محبوبها على النوم، وهو بعيد عنها.


شارك المقالة: