قصة قصيدة عاتبوه اليوم في سفك دمي
أمّا عن مناسبة قصيدة “عاتبوه اليوم في سفك دمي” فيروى بأنه في يوم من الأيام أتى رجل إلى مجلس علي بن عاصم، وكان يومها في مدينة الكوفة في العراق، فدخل الرجل إلى المجلس، وجلس مع علي، وقال له: هل تريد أن ترى حال أحد عشاق المدينة؟، فقال له علي: نعم، خذني إليه، فقام الرجل وعلي، وتوجها إلى بيت الشاب، ودخلا إليه، وعندما رآه علي كان كمن نزعت روحه عن جسده، وكان يرتدي ثوبًا ثقيلًا، ومتلحف بلحاف، ويمسك في يده وردة، فجلسا معه، وأخذا يتحدثان إليه، وبينما هم يتحدثون ذكروا له بيتًا من الشعر، وكان في البيت دلالة على بعد المحبوب عن حبيبه، فتهيج لسماعه، ومن ثم أنشد أبياتًا من الشعر قال فيها:
عاتِبوه اليَوْمَ في سَفكِ دمي
فَعَسى عتبُكم يُحشِمُه
ثمّ قُولوا للّذي لم يُخطِني
إذ رَمى، صَائِبَةً أسهُمُه
أحَلالٌ لكَ في شَرعِ الهَوَى
دمُ مَن ليسَ حلالاً دمَهُ؟
بيَ جرحٌ في فؤادي من هوى
شادنٍ أعوزني مَرْهَمُه
ثم أعرض عنهم، فخرج الرجلان من عنده، وعندما أصبحا خارج بيته، أوقف علي بن عاصم الرجل، وقال له: ما شأن هذا الشاب؟، فقال له الرجل: لقد عشق هذا الشاب جارية لرجل من أهل المدينة، وهام في هواها، وكان يملك سبعمائة دينار، فأخذها وتوجه إلى بيت صاحب الجارية، وعرض عليه السبعمائة دينار لكي يبيعها له، ولكن صاحبها رفض أن يبيعها، فأصابه ما ترى، وذهب عنه عقله.
وبعد ذلك بعدة أيام، مات الشاب، فتوجه علي بن عاصم إلى الجنازة لكي يحضرها، وعندما دفن الشاب، وإذ بفتاة تأتي من بعيد، وأخذت تسأل الحاضرين عن مكان قبر هذا الشاب، ووقفت مع علي بن عاصم، وسألته عن موقع القبر، فدلها عليه، فوقفت الفتاة على القبر، وأخذت تبكي وتنوح، وتأخذ من التراب، وترميه على رأسها، وبينما هي على هذه الحال، أتى عليها جماعة، وأخذوا يضربونها، فقالت لهم: والله بعد أن مات فليس لكم علي من سلطان، فافعلوا بي ما شئتم.
حالة الشاعر
كانت حالة الشاعر عندما أنشد هذه القصيدة الألم الشديد من بعد محبوبته عنه، ومنعهم إياه عن لقائها ورؤيتها.