قصة قصيدة فإن الصبا ريح إذا ما تنفست
أمّا عن مناسبة قصيدة “فإن الصبا ريح إذا ما تنفست” فيروى بأن رجلًا من تهامة خرج في يوم من الأيام من تهامة، وتوجه صوب نجد، وكان له فيها عمل له، وعندما وصل إلى نجد دخل إلى أحد الأسواق فيها، وبينما هو في السوق يمشي بين محاله، رأى فتاة، وكانت هذه الفتاة شديدة الجمال، فأعجب بها هذا الشاب، وتوجه إليها، ورد عليها السلام، ووقف يتكلم معها، وبينما هما يتحدثان وقع هذا الشاب في عشقها، وقرر أن يتزوج منها، فسألها عن بيتها، فأخبرته بمكانه.
فتوجه هذا الشاب إلى بيتها، وطرق الباب، فخرج إليه والدها، فاستأذن منه للدخول والتكلم معه، فدخل الاثنان إلى المجلس، وجلسا، فسأله والدها عن نسبه، ومن أين هو، فأخبره هذا الشاب بأنه من تهامة، وأخبره بنسبه، فقال له والدها: نعم النسب، فقام هذا الشاب بطلب يدها للزواج، فوافق والدها، وزوجه منها، وقامت الأفراح لأيام عديدة، وبعد أن أقام معها في نجد فترة من الزمان قرر أن يعود إلى دياره، فخرج من نجد صوب تهامة وأخذ زوجته معه.
وأقام الاثنان هنالك، وبعد بضعة أيام من الإقامة هنالك، جلست زوجته معه، فسألها عن حالها، وعن مدى رضاها عن الإقامة في تهامة، فقالت له: كانت هنالك ريح في نجد يقال لها الصبا، وكانت تأتينا، ولكني منذ انتقلت إلى هنا لم أعد أشعر بها، فقال لها زوجها: نعم، إن هذان الجبلان يمنعانها من الوصول إلينا، وكان بين نجد وتهامة جبلان يقال لهما جبلي نعمان، فأخذت المرأة تنشد قائلة:
أيا جبلي نعمان بالله خلّيا
نسيم الصّبا يخلص إليّ نسيمها
فإنّ الصّبا ريحٌ إذا ما تنفّست
على قلب محزونٍ تجلّت همومها
أجد بردها أو يشف منّي حرارةً
على كبدٍ لم يبق إلا صميمها
حالة الشاعرة
كانت حالة الشاعرة عندما أنشدت هذه القصيدة الشوق إلى نجد، وريح الصبا التي كانت تأتيها وهي هنالك، والطلب والرجاء من الجبلين اللذين بينها وبين نجد أن يدعا هذه الريح تصل إليها، لكي تشعر بها كما كانت تفعل وهي في نجد.