كان للجاريات في العصر العباسي شأن كبير، لم تحظ به الجواري في بقية العصور، وكان ذلك بسبب اهتمام الخلفاء بهنّ، ومن هؤلاء الجواري شاعرتنا لهذا اليوم، وهي إحدى جواري الخليفة المأمون يقال لها نسيم.
من هي “الجارية” نسيم؟
جارية من جاريات الخليفة العباسي المأمون، اشتهرت بجمالها وفطنتها وأدبها، وكانت قبل ذلك جارية لرجل يقال له أحمد بن يوسف، وكانت مغنية من مغنيات بغداد.
قصة قصيدة فصدت عرقا تبتغي صحة
أما عن مناسبة قصيدة “فصدت عرقا تبتغي صحة” فيروى بأن الخليفة العباسي المأمون كان يحب جارية من جواريه يقال لها نسيم، وكانت نسيم جارية صاحبة عقل وأدب، وكانت ذات فضل وكمال، وكانت بالإضافة إلى كل ذلك شديدة الجمال، وكان الخليفة لا يطيق أن يبتعد عنها إن كان في بغداد أو إن كان مسافرًا، ولكنه بعد ذلك أحب جارية أخرى أجمل منها، وأعرض عن نسيم، فحزنت بسبب ذلك، ولم تجد وسيلة لكي تستعطفه، وتكسبه مرة أخرى.
وكان عند نسيم جارية أجمل منها، ولكنها أخفتها عن الخليفة لكي لا يراها ويحبها، ولكن وفي يوم من الأيام مرض الخليفة مرضًا شديدًا، وضعف بسبب هذا المرض، ولكن الأطباء تمكنوا من علاجه، وبعد أن شفي أخذ الناس يدخلون إليه وهم يحملون أفضل الهدايا والتحف، وكان منهم نسيم التي أهدته جاريتها، وأهدته معها إناءً من بلور، غطته بمنديل، وكتبت على هذا المنديل أبياتًا من الشعر قالت فيها:
فصدت عرقاً تبتغي صحةً
ألبسك الله به العافية
فاشرب بهذا الجام يا سيدي
مستمتعاً بهذه الجارية
واجعل لمن أهداكها زورةً
تحظى بها في الليلة الثانية
تدعو الشاعرة في هذه الأبيات للخليفة المأمون بالشفاء مما هو فيه، وتقول له بأن يشرب من الإناء الذي أهدته إليه، ويستمتع بالنظر إلى الجارية، وتطلب منه أن يرضى عليها، ويزورها كما اعتاد أن يفعل من قبل.
فأعجب الخليفة بالجارية والبلورة، وبعث إليها قائلًا: نعم، الليلة إن شاء الله، ومن بعد ذلك رضي عليها، وعاد إلى وصالها.
الخلاصة من قصة القصيدة : كان عند المأمون جارية يقال لها نسيم، وكان يحبها ولا يطيق فراقها، ولكنه أحب جارية أخرى، وأعرض عنها، فحزنت، وفي يوم مرض الخليفة، وبعد أن شفي دخلت إليه، وأهدته جارية شديدة الجمال وإناءً، فرضي عنها، وعاد إلى وصالها.