قصة قصيدة فلا هو في الدنيا مضيع نصيبه
أمّا عن مناسبة قصيدة “فلا هو في الدنيا مضيع نصيبه” فيروى بأن عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك بن مروان كان قد ولي إمرة دمشق في عهد أبيه الوليد بن عبد الملك، وكان والده يريد أن يجعل الخلافة له من بعده، ولكن لم يتم ذلك، وتولى الخلافة أخيه سليمان بدلًا منه، وكان بيته في دمشق، ولم يكن في بني أمية أفصح منه لسانًا، فقال أهل دمشق: إنه ما زال غلامًا صغيرًا، ولا يعلم كيف يدير أمور دمشق، وعليه أن يستمع إلينا في أمورها، فقام إليه رجل، وقال له: أصلح الله الأمير، فإن لك عندي نصيحة، فقال له عبد العزيز: وما هذه النصيحة التي ابتدأتني بها من دون أن أطلبها منك؟، فقال له: هنالك جار لي عاص، وهو متخلف عن الجماعة، فقال له عبد العزيز: والله إنك لم تتق ربك، ولم تكرم أميرك، ولم تحفظ حق جارك، لإن أردت فسوف أنظر في أمرك، فإن كنت صادقًا فإن ذلك لن يفيدك عندي، وإن كنت كاذبًا فلك مني العقاب، وإن شئت أقلتك من منصبك، فقال له الرجل: أقلني، فأقاله، وقال له: والله إني لأراك شر جندك رجلًا.
ومن ثم أخذ يخاطب أهل دمشق قائلًا: يا أهل دمشق، فإنكم قد عظمتم ما جاءكم به الفاسق، ولولا أنه لا يجدر بي أن أعاقب قبل أن أعاتب، فلإن لي في ذلك رأي آخر، فلا يأتيني أحد منكم بنميمة عن أحد بشيء، فإن كان صادق فهو فاسق، وإن كان كاذب فهو مفتر.
وكان كلامه يشبه كلام خاله عمر بن عبد العزيز، وفي يوم قال له عمر بن عبد العزيز: يا ابن أختي، لقد وصلني أنك سرت إلى دمشق، وأنك تريد أن تدعو إلى نفسك، وكان عمر بن عبد العزيز قد سار إلى دمشق أيضًا، فوصله الخبر بأنه قد بويع له فانصرف، ومن ثم دخل إلى مجلسه وبايعه، وقال له: والله إني ما أحب أنه ولي هذا الأمر سواك، ومن قول إبراهيم بن هرمة فيه:
فَلا هُوَ في الدُنيا مُضيعٌ نَصيبَهُ
وَلا عَرَضُ الدُنيا عَن الدينِ شاغِلُهْ
نبذة عن إبراهيم بن هرمة
هو أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن سلمة بن عامر بن هرمة الكناني القرشي، شاعر من مخضرمي العصر الأمويوالعصر العباسي، من سكان المدينة المنورة.