قصة قصيدة كسوتني حلة تبلى محاسنها
أمّا عن مناسبة قصيدة “كسوتني حلة تبلى محاسنها” فيروى بأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال في يوم من الأيام بأن من كان له حاجة عنده، فعليه أن يكتبها له في كتاب، وكان غرضه من ذلك أن يصون وجوه الناس عن أن سألوا حاجاتهم أمام الناس، وفي يوم أتاه رجل من الأعراب، ودخل إليه، ورد عليه السلام، ومن ثم قال له: يا أمير المؤمنين، إن لي عندك حاجة، وإني لا أستطيع أن أخبرك بها، لأن الحياء يمنعني من ذكرها أمام الناس الحاضرين، فقال له الخليفة علي: إن لم تستطع قولها، فعليك أن تقوم بكتابتها على الأرض، ولن يراها أحد سواي، فأمسك الأعرابي بعصا، ومن ثم أخذ يكتب على الأرض: إني فقير، ولا أملك شيء أعيل به نفسي وعيالي، فقال أمير المؤمنين علي بن أبي طلب لرجل يقال له قنبر: يا قنبر أعطه حلتي، فخرج قنبر وأحضر حلة الخليفة، وأعطاها للأعرابي، فأخذ الأعرابي الحلة وارتداها، ومن ثم أخذ ينشد قائلًا:
كسوتني حلة تبلى محاسنها
فسوف أكسوك من حسن الثنا حللا
إن نلت حسن الثنا قد نلت مكرمة
وليس تبغي بما قدمته بدلا
إن الثناء ليحيي ذكر صاحبه
كالغيث يحيي نداه السهل والجبلا
لا تزهد الدهر في عرف بدأت به
كل امرئ سوف يجزى بالذي فعلا
ففرح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بما سمع من الأعرابي، ومن ثم التفت إلى قنبر، وقال له: يا قنبر أعطه مائة دينار، فقال له قنبر: ولكن يا أمير المؤمنين لو أنك فرقت هذه الدنانير على المحتاجين لأصلحت بها حالهم، فقال علي بن أبي طالب: لا يا قنبر، فإنه يجب علي أن أشكر من يثني علي، وإني سمعت الرسول صل الله عليه وسلم يقول: إذا أتاكم كريم قوم فاكرموه.
حالة الشاعر
كانت حالة الشاعر عندما أنشد هذه القصيدة الفرح من كرم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وشكره على هذا الكرم، ومدحه لقاء ما فعله له، والثناء على حسن اخلاقه.