قصة قصيدة كفى حزنا أن تطعن الخيل بالقنا:
أمّا عن مناسبة قصيدة “كفى حزنا أن تطعن الخيل بالقنا” فيروى بأنّ أبو محجن الثقفي كان من الأبطال قبل الإسلام وبعده، وكان من الشعراء الكريمين، ولكنه كان يكثر من الشراب، ولم يقلع عنه حتى بعد أن دخل الإسلام، ولم يستطع أحد أن يقنعه على أن يتركه، وكان أبو بكر الصديق يستعين به، وفي فترة خلافة الفاروق عمر بن الخطاب جلد أكثر من مرة بسبب ذلك، وحين أدرك عمر بن الخطاب بأن الجلد لا ينفع معه، أمر بان يتم نفيه إلى إحدى الجزر في البحر، وبعثه مع أحد لكي يوصله إلى هذه الجزيرة، ولكنه تمكن من الهروب منه بينما كانوا في الطريق.
وقبل أن يهرب كاد أن يقتل الرجل الذي رافقه إلى الجزيرة، ولكنه لم يتمكن من ذلك، فهرب ولحق بسعد بن أبي الوقاص، وكان وقتها في القادسية، يحارب جيوش الفرس، وعاد الرجل الذي كان معه إلى الخليفة عمر بن الخطاب، وأخره بأنه فرّ منه، فبعث الخليفة بكتاب إلى سعد بن أبي الوقاص، وكتب له فيه بأن يقوم بوضع أبو محجن في السجن، وعندما وصله الكتاب، حبسه.
وفي يوم من أيام حرب القادسية، يقال له يوم قس، اشتد القتال على المسلمين، وعندما رأى أبو محجن ذلك، قال لزوجة سعد بن أبي الوقاص بأن تفك قيده، وتعطيه حصانًا، لكي يخرج ويقاتل مع المسلمين، ووعدها بأنه إن عاش ولم يستشهد في تلك المعركة، فإنه سوف يعود إلى حبسه، ولن يقوم بالفرار، فأخرجته من السجن، وأعطته حصانًا، فخرج إلى القتال، وأبلى بلائًا حسنًا، وعندما انتهى من القتال، عاد إلى حبسه، وأنشد يومها قائلًا:
كفى حَزَناً أن تُطعَنَ الخيلُ بالقَنا
وأُصبِحَ مَشدوداً عليَّ وَثَاقيا
إذا قُمتَ عَنّاني الحديدُ وأُغلِقَت
مَصارعُ من دوني تُصِمُّ المُناديا
وقد كنتُ ذا مالٍ كثيرٍ وإخوةٍ
فأصبحتُ منهم واحداً لا أخا ليا
فإن مُتُّ كانت حاجةً قد قَضيتُها
وخَلّفتُ سَعداً وحدَه والأمانيا
وقد شَفّ جسمي أنني كلّ شارقٍ
أعالجُ كبلاً مُصمَتاً قد بَرَانيا
فللّه درِّي يوم أُترَكُ مُوثَقاً
وتذهلُ عني أُسرتي ورجاليا
حبيساً عن الحرب العَوَان وقد بَدت
وإعمالُ غيري يوم ذاك العواليا
ولِلهِ عهدٌ لا أخيسُ بعهدِه
لئن فُرِجَت أن لا أزور الحوانيا
هَلُمَّ سلاحي لا أبا لكَ إنني
أرى الحربَ لا تزدادُ إِلا تماديا
نبذة عن أبو محجن الثقفي:
هو مالك بن حبيب بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة بن عوف، أحد الشعراء والأبطال في الجاهلية وبعد الإسلام.