قصة قصيدة لعمرك إني يوم أسلمت جعفرا
أمّا عن مناسبة قصيدة “لعمرك إني يوم أسلمت جعفرا” فيروى بأن جعفر بن علبة كان يزور فتاة من بني عقيل بن كعب، فأمسك به بنو عقيل وشدوا وثاقه، وكشفوا دبر قميصه، وقاموا بضربه بالسوط، ومن ثم أقبلوا به على الفتاة التي كان يزورها على تلك الحال، لكي يغيظوها، فأقسم عليهم أن لا يفعلوا ذلك، وبأنه لن يزور حيهم أبدًا، ولكنهم لم يقبلوا، فقال لهم: إن لم تفعلوا فحسبكم ما فعلتم بي، ومنوا علي بالكف عني، فإن فعلتم فإن لكم عندي نعمة لا أكفرها ما حييت، أو إن لم تفعلوا فاقتلوني وأريحوني مما أنا فيه، فخلوا سبيله.
ولكن لم بعد فترة من الزمن عاد جعفر إلى حيهم، ومعه اثنان من أصدقائه، وأدخل راحلته في أحد بيوتهم، ومن ثم هرب هو وأصدقائه، ولكن بني عقيل قاموا باقتفاء أثرهم، حتى أدركوهم، فقابلهم جعفر ومن معه بالسيوف، وقاموا بقتل رجل منهم، وإصابة رجل آخر، ومن ثم هربوا، فشكاهم بنو عقيل إلى السري بن عبد الله الهاشمي، وهو عامل الخليفة المنصور على مكة المكرمة، فأحضرهم وحبسهم.
وعندما خرج جعفر من السجن قام رجل من بني عامر يقال له نحبة بن كليب بضرب عنقه، وأنشد في خبر ذلك:
شفى النفس ما قال ابنُ عُلبةَ جعفرٌ
وقَوْلِي له اصْبر ليس ينفعَكَ الصبُر
هَوَى رأسُه من حيثُ كان كما هوى
عُقابٌ تدلَّى طالباً جانبَ الوكرِ
أبا عارمٍ فينا عُرامٌ وشدّة
وبَسْطَةُ إيمانٍ سواعدها شُعْرُ
همُ ضربُوا بالسيف هامةَ جعفرٍ
ولم يُنْجِه بَرٌّ عريضٌ ولا بحرُ
وقُدْناهُ قَوْدَ البَكْرِ قسراً وعَنْوَةً
إلى القبر حتى ضم أثوابَه القبرُ
وأنشد علبة يرثي ابنه جعفرا، قائلًا:
لعمرُكَ إني يوم أسلمتُ جعفراً
وأصحابَه للموت لمَّا أقَاتِلِ
لمجتنبٌ حبَّ المَنَايا وإنما
يهيج المنايا كلُّ حقٍّ وباطل
فراح بهمْ قومٌ ولا قومَ عندهمْ
مُغَلَّلَةٌ أيديهُمُ في السلاسلِ
وربَّ أخٍ لي غاب لو كان شاهداً
رآه التَّباليّون لي غيرَ خاذِل
وأنشد علبة أيضا لامرأته أم جعفر قبل أن يقتل جعفر قائلًا:
لعمركِ إن الليلَ يا أمّ جعفرٍ
عليّ وإنْ علَّلْتنِي لطويلُ
أحاذِرُ أخباراً من القوم قد دَنَتْ
ورجعةَ أنقاضٍ لهنَّ دليلُ
فأجابته زوجته قائلة:
أبا جعفر أسلمْتَ للقومِ جعفراً
فمُتْ كَمَدًا أو عش وأنت ذليلُ
نبذة عن علبة بن ربيعة
علبة بن ربيعة بن الحارث بن عبد يغوث بن الحارث بن معاوية بن صلاءة بن المعقل بن كعب بن الحارث، من بني الحارث، أبو الشاعر جعفر بن علبة الحارثي.