قصة قصيدة لعمري لنعم المرء من آل جعفر
أمّا عن مناسبة قصيدة “لعمري لنعم المرء من آل جعفر” فيروى بأن الكثير من الأحداث حصلت في عام خمسة وتسعون للهجرة، ففي هذا العام قام العباس بن الوليد بغزو بلاد الروم، كما قام مسلمة بن عبد الملك بن مروان بفتح إحدى المدن في بلاد الروم، كما افتتح محمد بن القاسم إحدى مدن بلاد الهند، وأخذ منها الأموال الطائلة.
وفي هذا العام رحل موسى بن نصير من بلاد الأندلس إلى إفريقيا، وكان معه الأموال التي كانت على عجل لأنها لا تحمل من كثرتها، وفي هذا العام قام قتيبة بن مسلم بغزو بلاد الشاش، وفي هذه الغزوة تمكن من فتح العديد من مدنها وأقاليمها، وبينما هو في بلاد الشاش، وصله خبر وفاة الحجاج بن يوسف الثقفي، فتوجه إلى مدينة مرو، وأنشد قول الحطيئة متمثلًا:
لَعَمرِي لَنِعمَ المَرءُ مِن آلِ جَعفَرٍ
بِحَورانَ أَمسى أَعلَقَتهُ الحَبائِلُ
لَقَد غادَرَت حَزماً وَبِرّاً وَنائِلاً
وَلُبّاً أَصيلاً خالَفَتهُ المَجاهِلُ
وَقِدراً إِذا ما أَنفَضَ القَومُ أَوفَضَت
إِلى نارِها سَعياً إِلَيها الأَرامِلُ
لَعَمري لَنِعمَ المَرءُ لا واهِنُ القُوى
وَلا هُوَ لِلمَولى عَلى الدَهرِ خاذِلُ
لَعَمري لَنِعمَ المَرءُ إِن عَيَّ قائِلٌ
عَنِ القيلِ أَو أَدنى عَنِ الفِعلِ فاعِلُ
لَعَمري لَنِعمَ المَرءُ لا مُتَهاوِنٌ
عَنِ السورَةِ العُليا وَلا مُتَخاذِلُ
تَكادُ يَداهُ تُسلِمانِ رِدائَهُ
مِنَ الجودِ لَمّا اِستَقبَلَتهُ الشَمائِلُ
يَداكَ خَليجُ البَحرِ إِحداهُما دَماً
تَفيضُ وَأُخرى فِعلُ حَزمٍ وَنائِلُ
وقد كان الحجاج بن يوسف الثقفي قد استخدم كلًا من يزيد بن أبي كبشة على الصلاة والحرب في الكوفة والبصرة، ويزيد بن مسلم على خراجهما، فأبقاهما الوليد عليهما، كما بقي نواب الحجاج على الحال التي كانوا عليها قبل أن يموت.
نبذة عن الحطيئة
هو أبو مليكة جرول بن أوس بن مالك العبسي، وكان قد اشتهر بلقب الحطيئة، وهو شاعر من المخضرمين، وكان قد أدرك العصر الجاهلي، وعندما أتى الإسلام لم يسلم إلا في عهد الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
ولد عند بني عبس، واكن لا يعرف له نسب، فعاش حياته وهو مظلوم ومحروم، فاضطر إلى قول الشعر لكي يقتات منه.