قصة قصيدة لقد فتنت ريا وسلامة القسا
أمّا عن مناسبة قصيدة “لقد فتنت ريا وسلامة القسا” فيروى بأنه كان هنالك جارية في المدينة المنورة يقال لها سلامة، وكانت سلامة مغنية من مغنيات المدينة، وكانت قد تعلمت الغناء على يد ابن عائشة ومعبد وجميلة، فأتقنته، وكان هنالك رجل في مكة المكرمة يقال له عبد الرحمن بن أبي عمار، وكان هذا الرجل كثير العبادة، وسمي بسبب كثرة عبادته بالقس.
وفي يوم من الأيام خرج إلى المدينة، وبينما هو هنالك سمع سلامة وهي تغني، وكان ذلك من دون قصد منه، فوصل صوتها منه كل موصل، وعندها رآه مولاها، فقال له: هل أخرجها لعندك كي تراها، أو تدخل إليها، فرفض عبد الرحمن ذلك، فأخبره مولاها بأنه سوف يجلسها في موضع فتغني، ويسمعها من دون أن يراها، وبقي يصر عليه حتى وافق، فأخذ يسمعها وهي تغني، وفي كل كلمة تغنيها يزداد حبه لها.
وبقي مولاها يصر عليه أن يخرجها إليه، فتغني أمامه، وهو يرفض، حتى وافق في النهاية على ذلك، فخرجت إليه، وأخذت تغني، وهي أمامه، فشغف بها، وهي الأخرى شغفت به، وأصبح الاثنان يحبان بعضهما، واشتهر حبهما حتى عرف به كل أهل مكة، وفي خبر حبهما أنشد الشعر عبد الله بن قيس الرقيات قائلًا:
لَقَد فَتَنَت رَيّا وَسَلّامَةُ القَسّا
فَلَم تَترُكا لِلقَسِّ عَقلاً وَلا نَفسا
وَما اِستَعبَدَ الرُهبانَ بِالدَيرِ مِنهُما
وَلَم يَستَحِلّا لا حَراماً وَلا نَجسا
فَتاتانِ أَمّا مِنهُما فَشَبيهَةُ الهِلالِ
وَالأخرى مِنهُما تُشبِهُ الشَمسا
فَتاتانِ في سَعدِ السُعودِ وُلِدتُما
وَلَم تَلقَيا يَوماً هَواناً وَلا نَحسا
تُكِنّانِ أَبشاراً رِقاقاً وَأَوجُهاً
حِساناً وَأَطرافاً مُخَضَّبَةً مُلسا
وفيهما يقول كذلك:
أُختانِ إحداهما كالشمس طالعةً
في يوم دَجْنٍ وأُخرى تشبه القمرا
نبذة عن الشاعر عبد الله بن قيس الرقيات
هو عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك بن ربيعة بن أُهيب بن ضباب بن حجير بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي، من شعراء العصر الأموي، ولقب بقيس الرقيات لأنه كان يحب ثلاث فتيات، كل واحدة منهن اسمها رقية.