قصة قصيدة لما تمادى على بعادي
أمّا عن مناسبة قصيدة “لما تمادى على بعادي” فيروى بأنه كان في مدينة سوسة في تونس شاب، وكان هذا الشاب شاعر أديب، وفي يوم من الأيام رأى هذا الشاب فتاة في السوق بالقرب من بيته، فوقع في غرام هذه الفتاة، وقد كانت هذه الفتاة تسكن بالقرب من منزله، وكانت هذه الفتاة كغيرها من الفتيات في ذلك الزمان، تتجنى على من يحبها، وتعرض عنه، وأصبح لا يطيق ما في قلبه من شوق لهذه الفتاة.
وفي يوم من الأيام كانت الفتاة التي يحبها في منزلها لوحدها، ولا يوجد معها أحد في البيت، وكان قد وصله خبر ذلك، فأمسك الشاب بقبس من نار، وتجه إلى منزلها، ووضع هذا القبس أمام باب المنزل، فأخذت النار تأكل من هذا الباب شيئًا فشيئًا، حتى اندلعت فيه كاملًا، وكادت النيران أن تأتي على بقية المنزل، لو أن الجيران لم ينتبهوا لها، وأسرعوا إلى البيت، أخذوا يطفئونها، حتى خمدت.
وبعد أن أخمد الجيران النيران، قاموا بالإمساك بالشاب، وحملوه إلى قاضي المدينة، وعندما وقف بين يدي القاضي، استنطقه في مجلس الحكم، فأجابه الشاب بقصيدة، قال فيها:
لما تمادى على بعادي
وأضرم النار في فؤادي
ولم أجد من هواه بداً
ولا معيناً على السهاد
حملت نفسي على وقوفي
ببابه حملة الجواد
فطار من بعض نار قلبي
أكبر في الوصف من زناد
فأحرق الباب دون علمي
ولم يكن ذاك من مرادي
وكانت حجته بأن نار قلبه هي التي أشعلت النار في الباب من دون قصد منه، فأعجب القاضي بما سمع منه من شعر، واستظرفه، وتكفل بأن يعطي أهل البيت لقاء ما أفسد هذا الشاب، وأخذ منه تعهدًا على أن لا يعود لفعل شيء من قبيل ما فعل، وأمر بإخلاء سبيله.
حالة الشاعر
كانت حالة الشاعر عندما ألقى هذه القصيدة التحجج بأن نار قلبه هي التي قامت بإحراق باب منزل محبوبته، وبأنه لم يكن يقصد أن يفعل ذلك، على الرغم من أنه هو من أشعل النار في الباب قاصدًا.