قصة قصيدة لما تولوا عصبا شوازبا
أمّا عن مناسبة قصيدة “لما تولوا عصبا شوازبا” فيروى بأن كسرى أوقع بني تميم في يوم الصفا، وقتل منهم عددًا كبيرًا، فلم يبقى منهم سوى الأموال والشباب، وعندما وصل خبر ذلك إلى القبائل الأخرى بدأوا يفكرون باغتنام الفرصة للانقضاض على بني تميم، بلغ الخبر إلى قبائل اليمن، فقامت قبيلة مذحج باستشارة كاهنها، فقال لهم بان لا يغزوا قبيلة تميم، وبأنهم لن يحصلوا على شيء إن قاموا بذلك، وكانت قبيلة تميم قد بعثت ببعض رجالها إلى أكثم بن صيفي لكي يستشيروه، فنصحهم بان يثبتوا ويقاتلوا، فخرجوا من عنده واستعدوا للحرب.
وأقبل أهل اليمن، من بني الحارث، حتى نزلوا إلى منطقة يقال لها الكلاب، فقام رجل يقال له المشمت بتحذير بني تميم، فأعدوا أنفسهم، والتقى الطرفان واقتتلا قتالًا شديدًا طيلة النهار، وفي آخر النهار قتل أهل اليمن النعمان بت بن جساس، وعندما قتل النعمان ظن أهل اليمن بأن مقتله سوف ينقص من عزيمة بني تميم، ولكنهم وجدوا بأن قد ازدادوا جرأة عليهم، واستمر القتال حتى فصل الليل بين الطرفين.
وفي صباح اليوم التالي عاد الطرفان للقتال، فأخذ رجل من تميم يقال له قيس بن عاصم ينادي فيهم، ويقول: يا آل تميم، لا تقتلوا منهم سوى من كان على حصانه، فإن الذين على أقدامهم لكم، ومن ثم أنشد قائلًا:
لما تولوا عصـبـا شـوازبـا
أقسمت لا أطعن إلا راكـبـا
إني وجدت الطعن فيهم صائبا
وأخذ قيس بن عاصم يأخذ الأسرى الواحد تلو الآخر، وكان كلما أخذ أسيرًا قال له: ممن أنت؟، فأجابه الأسير: أنا من بني زعبل، وكان زعبل قد اشتهر بنذالته، وكان الأسرى يريدون بذلك رخص الفداء، واستمر بنو تميم بقتل فرسانهم وأسرهم حتى أسروا عبد يغوث، وانتصروا في النهاية.
نبذة عن قيس بن عاصم
هو قيس بن عاصم بن سنان المنقري التميمي، من صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم، أتى إلى الرسول في العام التاسع للهجرة ومعه وفد من بني تميم، فأكرمه الرسول.
أدرك العصر الجاهلي والعصر الإسلامي، وأسلم وحسن إسلامه، شاعر وفارس كثير الغارات، اشتهر بحلمه وشجاعته.