قصة قصيدة لم تر عيني مثل يوم دمقلة
أمّا عن مناسبة قصيدة “لم تر عيني مثل يوم دمقلة” فيروى بأنه في يوم من الأيام سمح خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعمرو بن العاص بأن يفتح بلاد النوبة، فخرج عمرو بن العاص على رأس جيش من المسلمين، ودخل إلى بلاد التوبة، ولاقى جيشها، ولكن جيش المسلمين تفاجأ بحرب لم يشهد مثلها من قبل، ولم يتدرب أي من جنوده على حرب كهذه، فقد وجدوا جيشًا أمامهم متدرب على الرمي بالنبال في أعين المحاربين، ففي أول معركة فقد أكثر من مائة وخمسون جنديًا من جيش المسلمين عيونهم، وبسبب هذا قبل الجيش الصلح مع جيش النوبة، ولكن قائد المسلمين رفض الصلح، لكي يتمكن من الوصول إلى شروط أفضل.
وفي عام واحد وثلاثون للهجرة تولى عبد الله بن أبي السرح ولاية مصر، وجهز جيشًا لقتال أهل النوبة، وتحرك الجيش صوب البلاد، ودخل، وقاتل جيشها، فلقي أمامه جيشًا يقاتل قتالًا لم ير مثله من قبل قط، حتى أصيب الكثير من الجنود في عيونهم كما حصل مع جيش عمرو بن العاص، فأنشد شاعر من شعراء المسلمين قائلًا:
لم تـر عينـي مثل يوم دمقلة
والخيل تعـــــدو والدروع مثقلـــــة
تري الحماة حولها مجدلــــــــــــــة
كأن أرواح الجميــــــع مهمـــــلة
وبعد أن انتهى القتال، خرج جماعة من أهل النوبة، وتوجهوا إلى عبد الله بن أبي السرح، ودخلوا عليه، وطلبوا منه الهدنة، فوافق عبد الله بن أبي السرح على الهدنة معهم، وكتب لهم عقدًا يضمن لمدينتهم الاستقلال، ويجنبهم هجوم المسلمين عليهم، ويحقق للمسلمين الاطمئنان من جهة حدودهم الجنوبية، على أن تفتح المدينة أبوابها للتجارة أمام تجار المسلمين، وعلى أن يحصل المسلمون على عدد من الرقيق الذين يساعدون في خدمة الطولة الإسلامية، وبقيت الهدنة التي أقيمت في عهده بين المسلمين وبين أهل النوبة لمدة ستة قرون.
وبسبب هذه الهدنة التي استمرت لقرون، تمكن المسلمون من الاختلاط بأهل النوبة، فاعتنق الكثير من أهلها دين الإسلام.
حالة الشاعر
كانت حالة الشاعر التعجب مما رآه في يوم دمقلة، فلم ير من قبل جيشًا يقاتل كما يقاتل جيش النوبة.