قصة قصيدة لولا الحياء وأن الستر من خلقي
أمّا عن مناسبة قصيدة “لولا الحياء وأن الستر من خلقي” فيروى بأن إسحاق بن إبراهيم الموصلي كان في يوم من الأيام في مجلس رجل يقال له الواثق، وبعد فترة من جلوسه في ذلك المجلس، خرج من عنده، وسار إلى مجلس في بيت الحسن بن وهب، ودخل إليه، وعندما دخل إلى المجلس، وجد عنده رجل يقال له أحمد بن يحيى المكي، وكان أحمد بن يحيى مغنيًا محسنًا في الغناء.
وبينما هم جالسون أذن العشاء، فقام من كان في المجلس لأداء الصلاة، وبينما هم في طريقهم إلى الصلاة، قال حسن بن وهب لإسحق بن إبراهيم: لو كان أحمد بن يحيى غلامًا فكم كان يساوي؟، فقال له إسحق بن إبراهيم: يساوي ما يقارب العشرين ألف دينار، وبعد أن انتهى القوم من أداء صلاة العشاء، عاد أحمد بن يحيى للغناء، فقال الحسن لإسحق: كم يساوي أحمد لو كان غلامًا؟، فقال له إسحق: يساوي ما يقارب الثلاثين ألف دينار، فعاد أحمد بن يحيى للغناء، فقال الحسن لإسحق: كم يساوي لو كان غلامًا: يا أبا علي اجعلها ضعف ما قلت.
وقبل أن يغاد إسحق بن إبراهيم المجلس، قال لأحمد بن يحيى، غنني:
لولا الحياء وأنّ السّتر من خلقي
إذاً قعدت إليك الدهر لم أقم
أليس عندك سكرٌ للتي جعلت
ما أبيضّ من قادمات الأس كالحمم
فغنى أحمد بن يحيى، وأحسن في الغناء، فقام إسحق وهم بالخروج، وقبل أن يغادر، قال للحسن بن وهب: يا أبا علي، ضاعف كل ما قلت لك، فقال أحمد بن يحيى: ما هذا الذي أسمعكما تتحدثان به، ولا أعرف ما الذي تعنونه؟، فقال له الحسن: إننا نبيع ونشتري بك منذ بداية الليل من دون أن تدري.
وفي يوم من الأيام، وبينما كان إسحق بن يحيى جالس مع رجل يقال له محمد بن عبد الله بن مالك، وبينما هما جالسين، قال إسحق لمحمد: من أفضل المغنين؟، فقال له محمد: محمد بن عيسى، فقال له إسحق: هو جيد، ومن أيضًا؟، فقال له محمد: أحمد بن يحيى، فقال له: هو بالفعل أفضل المغنين، فهو محسن، ومجمل، لا يحتاج أهل المجالس إلى غيره.
نبذة عن إسحق بن إبراهيم الموصلي
هو إسحاق بن إبراهيم بن ماهان بن بهمن الموصلي التميمي، نادم العديد من الخلفاء العباسيين، ومنهم هارون الرشيد، والمأمون والمعتصم والواثق.