الخطأ في حضرة الخلفاء أمر لا يجب أن يحدث، وإن حدث وأخطأ أحدهم في مجلس خليفة من الخلفاء، فلا يلومن سوى نفسه، ومن ذلك ما حصل مع علوية الأيسر حينما أخطأ في يوم، وقام بمدح الأمويين في حضرة الخليفة المأمون.
من هو عبد الله بن قيس الرقيات؟
هو عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك بن ربيعة، وهو شاعر من شعراء العصر الأموي، من قريش، كان مقيمًا في المدينة المنورة.
قصة قصيدة لو كان حولي بنو أمية لم
أما عن مناسبة قصيدة “لو كان حولي بنو أمية لم” فيروى بأن الخليفة المأمون بن هارون الرشيد خرج في يوم من الأيام إلى الشام، وكان معه علوية الأعسر، وعندما وصل الخليفة إلى الشام، ودخل إلى مدينة دمشق، أخ يطوف فيها، وينظر إلى قصور بني أمية، ودخل الخليفة إلى قصر من تلك القصور، فوجده مفروشًا بالرخام الأخضر، وفي منتصفه بركة، يدخلها الماء من ناحية، ويخرج من ناحية أخرى، فيسقي بستانًا جمعت فيه العديد من أنواع الأشجار، وفيه من أجناس الطيور، وصوتها أجمل من صوت العود والمزمار، فأعجب الخليفة بما رأى، وأمر بإحضار الطعام والشراب، فأحضروه، وجلس هو وندمائه وأكلوا وشربوا، ومن ثم التفت الخليفة إلى علوية الأعسر، وقال له: غنني بأطيب صوت، فأخذ علوية يغني شعرًا لعبد الله بن قيس الرقيات قائلًا:
لو كانَ حَوْلِي بَنُـو أُمَـيَّةَ لَـمْ
يَنْطِقْ رِجالٌ إِذا هُمُ نَطَـقُـوا
يمدح الشاعر عبد الله بن قيس الرقيات الأمويين، ويقول بأنهم لو كانوا موجودين حوله، فلن يستطيع أحد أن يتكلم إن هم تكلموا.
إِنْ جَلَسُوا لَمْ تَضِقْ مَجالِسُهُـمْ
أَو رَكِبُوا ضاقَ عنهمُ الأُفُـقُ
كَمْ فِيهمُ مِن فَتىً أَخِـي ثِـقَةٍ
عن مَنْكِبَيْهِ القَمِيصُ مُنْخَـرِقُ
تُحِبُّهُـمْ عُـوَّذُ الـنِّـسـاءِ إِذا
ما احْمَرَّ تحت القَوانِسِ الحَدَقُ
وأَنْكَرَ الكَلْبُ أَهْلَهُ وعَلا الشَّرُّ
م وطاحَ المُـرَوَّعُ الـفَـرقُ
فرِيحُهُمْ عندَ ذاكَ أَذْكَى مِن ال
مِسْكِ وفِيهمْ لِخـابـطٍ وَرَقُ
فنظر الخليفة إليه وهو غاضب، وقال له: لعنة الله عليك وعليهم، فعلم علوية بأنه قد أخطأ، وأخذ يعتذر من الخليفة على هفوته، وقال له: أتلومني على ذكرهم، وعبد من عبيدهم يقال له زرياب كان عنده مائتي غلام، وعنده ضياع من أجمل الضياع، وأنا عبدكم أموت من الجوع، فقال له: ألم تجد سوى هذا تذكرني به، ومن ثم سكت، وقال: غنني سوى ذلك، فأخذ علوية يغني قائلًا:
الحين ساق إلى دمشق ولم
أرضى دمشق لأهلها وطنا
فرماه الخليفة بالقدح، ولكنه أخطأه، وقال له: قم من هنا، عليك لعنو الله، وكان ذلك آخر عهده به حتى مات.
الخلاصة من قصة القصيدة: خرج المأمون في يوم من الأيام إلى الشام، وأخذ يطوف في مدينة دمشق ويرى قصور الأمويين، ودخل إلى أحدها وأعجب به، وطلب من علوية الأيسر أن يغنيه، فغناه صوتًا يمدح بني أمية، فغضب منه.