لم يكن للعدد الأكبر من الشعراء سوى شعرهم ليقتاتوا منه، فكانوا يدخلون على الخلفاء والأمراء والأعيان، ويمدحونهم بقصائد، فينالون ما ينالون منهم، ومن ذلك ما حصل مع شاعرنا لهذا اليوم أبي دلامة، الذي دخل على الخليفة أبي جعفر المنصور عندما ولد له غلام.
من هو أبو دلامة؟
هو زند بن الجون، شاعر من شعراء العصر العباسي، عاصر كلًا من الخليفة أبي العباس السفاح، والخليفة أبي جعفر المنصور، والخليفة المهدي، وهو من أهل الكوفة.
قصة قصيدة لو كان يقعد فوق الشمس من كرم
أما عن مناسبة قصيدة “لو كان يقعد فوق الشمس من كرم” فيروى بأنه في يوم من الأيام ولد لأبي دلامة غلام، ولم يكن عنده مال يعيل به ابنه، فاحتار أبو دلامة في أمره ولم يعرف ماذا يفعل بأمره، ,واهتدى إلى أن يدخل إلى أمير المؤمنين الخليفة المنصور، ويخبره بخبر قلة حيلته، وغلامه الذي ولد له، لعله ينال شيئًا منه، فدخل وارتدى أجمل ما عنده من ملابس، وخرج متوجهًا إلى قصر الخليفة، ووقف على باب مجلسه، واستأذن للدخول إلى المجلس، فدخل الحاجب إلى الخليفة، وأخبره بأن أبا دلامة على الباب، فأمره الخليفة أن يدخله، فخرج الحاجب إليه، وأدخله إلى المجلس.
وعندما دخل أبو دلامة إلى مجلس الخليفة، ووقف بين يديه، رد عليه السلام بأحسن ما يكون، فرد عليه الخليفة سلامه، وسأله عن حاجته، فأخبره أبو دلامة بأنه قد أنجبت له زوجته غلامًا، ومن ثم أنشده قصيدة يمدحه فيها قائلًا:
لَو كَانَ يُقعَدُ فَوقَ الشَّمسِ مِن كَرَمٍ
قَومٌ لَقِيلَ اقعُدُوا يا آلَ عَبَّاسِ
يمدح الشاعر في هذا البيت الخليفة أبي جعفر المنصور وآل عباس، ويقول بأنه لو كان هنالك قم يعلوا ليصلوا إلى الشمس من شدة كرمهم لكانوا آل عباس.
ثمَّ ارتَقُوا في شُعَاعِ الشَّمسِ كُلُّكُمُ
إلى السَّماءِ فَأنتُم أكرَمُ النَّاسِ
وقَدّمُوا القَائِمَ المَنصُورَ رأسَكُمُ
فَالعَينُ والأنفُ والأذنَانِ في الراسِ
ومن ثم قام أبو دلامة بإخراج خريطة من جيبه، فقال له الخليفة: ما هذه يا أبا دلامة؟، فقال له أبو دلامة: هي خريطة، وضع فيها ما شئت، وما تأمر لي به، فأمر الخليفة القائم على بيت ماله أن يملأها له دراهم، فأخذها وملأها دراهم، فوسعت ألفي درهم، فأخذها أبو دلامة، وشكر الخليفة، ومن ثم خرج منصرفًا، وعاد إلى بيته.
الخلاصة من قصة القصيدة: أنجبت زوجة أبو دلامة له غلامًا، وكان وقتها يشكو الفقر، فاحتار في أمره، ومن ثم اهتدى إلى أن يدخل إلى الخليفة، لعله ينال منه شيئًا من المال يعينه، فدخل عليه ومدحه بقصيدة، فأعطاه الخليفة ألفي درهم.