قصة قصيدة لو كان يمنع حسن الفعل صاحبه
أمّا عن مناسبة قصيدة “لو كان يمنع حسن الفعل صاحبه” فيروى بأنه في يوم من الأيام بعث في طلب أخته علية بنت المهدي، وعندما وصلها بأن أخاها الخليفة يريدها، جهزت نفسها مسرعة، وتوجهت إلى مجلس الخليفة، واستأذنت للدخول، فأذن لها بالدخول إلى مجلسه، وعندما دخلت وجدت أخاها الخليفة وقد تغير لون وجهه، وكان باديًا عليه علامات الغضب، فخافت، وسألته عن سبب غضبه، فأخبرها بالسبب.
وخرجت علية من عند أخيها الخليفة، وتوجهت عائدة إلى غرفتها، وعندما وصلت بعثت في طلب الشاعر أبو حفص الشطرنجي، وعندما أتاها، طلبت منه أن يقول شعرًا يعتر فيه لها من أخيها الخليفة، ويسأل لها فيه أن يرضى عليها، فأنشد قائلًا:
لَـوْ كَانَ يَمْنَـعُ حُسْنَ الفِعلِ صَاحِبَـهُ
مِنْ أنْ يَكونَ لَـهُ ذَنْبٌ عَلىٰ أحَـدِ
كَانَتْ عُلَيَّـةُ أربَـىٰ النَّـاسِ كُلِّهِـمُ
مِـنْ أنْ تُكَافَـأ بِسُوءٍ آخِـرِ الأبَـدِ
مَالي إذَا غِبْتُ لَـمْ أُذْكَـر بِوَاحِدَةٍ
وَإنْ سَقَمْتُ وَطَالَ السُّقْمُ لَـمْ أُعَـدِ
مَـا أعجَبَ الشَّيَءَ تَرجُوهُ فَتُحرَمُهُ
قَـد كُنْتُ أحسَبُ أنِّي قَـد مَلأْتُ يَـدِي
وعندما سمعت علية الشعر، أعجبت فيه، وغنته بلحن جميل، وبعثت في طلب جارية من جواري أخيها، وانت مشهورة بصوتها الجميل، وكانت ممن يغنين للخليفة بشكل مستمر، وعندما أتتها، طلبت منها أن تغني هذه القصيدة في حضرة الخليفة، وغنتها أمامها لكي تحفظها.
وفي المجلس التالي للخليفة، طلب من هذه الجارية أن تغني، فوقفت وأخذت تغني شعر أبي الحفص، فطرب الخليفة طربًا شديدًا، وأمر الجارية أن تقترب منه، وعندما اقتربت سألها عن قصة هذ الشعر، فأخبرته بأن أخته قد أعطتها هذه الأبيات، وطلبت منها أن تنشدها أمامه.
فبعث الخليفة في طلب أخته، فجلست أمامه، وقبلت رأسه، ومن ثم اعتذرت منه، فبكى الخليفة بكاءً شديدًا، وقال لها: والله لن أغضب عليك ما حييت أبدًا.
نبذة عن أبي حفص الشطرنجي
هو أبو حفص عمر بن عبد العزيز الشطرنجي. شاعر من شعراء العصر العباسي، كان مشغوفًا بالشطرنج، ولذلك لقب بأبي حفص الشطرنجي، توفي في خلافة محمد المعتصم، في عام مائتان وعشرة للهجرة.
