يعتبر العفو من الصفات الحميدة عند أصحابها، واتسم العديد من الرجال في تاريخنا بالقدرة على العفو، ومنهم الخليفة العباسي المأمون، الذي عفا عن عمه الذي أعلن العصيان عليه.
من هو إبراهيم بن المهدي؟
إبراهيم بن المهدي، أخو الخليفة العباسي هارون الرشيد، اشتهر في الغناء، ولد في مدينة بغداد وتوفي فيها.
قصة قصيدة ليس يزري السواد بالرجل الشهم
أما عن مناسبة قصيدة “ليس يزري السواد بالرجل الشهم” فيروى بأن عم الخليفة العباسي إبراهيم بن المهدي بعد أن أعلن العصيان على خلافة ابن أخيه الخليفة المأمون، اختفى لست سنين وبضعة أشهر، ومن ثم تمكن رجال الخليفة من الإمساك به، وساقوه إلى مجلس الخليفة، وعندما دخل إلى مجلس الخليفة، قال له الخليفة: أنت الخليفة الأسود، فأخذ إبراهيم ينشد قائلًا:
ليس يزري السوادُ بالرجلِ الشهم
ولا بالفتى الأريبِ الأديبِ
يقول الشاعر في هذا البيت بأن اللون الأسود لا يعيب صاحبه إن كان رجلًا شهمًا، ولا يعيب الفتى إن كان حاذقًا وماهرًا وبارعًا وأديبًا.
إن يكن للسواد فيك نصيبٌ
فبياضُ الأخلاقِ منكَ نصيبي
ويقول الشاعر في هذا البيت بأنه إن كان من يخاطبه أسود البشرة، فإن بياض أخلاقه هي ما تهمه، وليس لون بشرته.
ومن ثم أخذ يعتذر منه، ويطلب منه المغفرة والعفو، والخليفة يؤنبه على ما فعل، وهو يعتذر، ومن ثم قال له: يا أمير المؤمنين، إن تعاقبني فهو حق من حقوقك، وإن تعفو عني فذلك فضل منك، فقال له الخليفة: لا بل أعفو عنك، فإن الندم توبة، وبينه وبين القدرة عفو الله عز وجل، وعفو الله أكبر مما تطلب، فنزل إبراهيم على قدميه، وسجد شكرًا لله تعالى، وعندما انتهى طلب منه الخليفة أن ينشده شيئًا من الشعر، فأنشده قصيدة قال فيها:
ذهبتُ من الدنيا وقـد ذهبت مني
هوى الدهر بي عنها وولى بها عني
فإن أبكِ نفسي أبـكِ نفساً نفيسةً
وإن أحتسبها أحتسبها على ضن
وأفلتني عيسى وكانت خديعةً
حللتُ بها ملكي وفلت بها سني
الخلاصة من قصة القصيدة: بعد أن هرب إبراهيم بن المهدي من المأمون، اختفى لستة أعوام وبضعة أشهر، وبعدها تمكن الخليفة من الإمساك به، فاعتذر منه إبراهيم بن المهدي، فعفا عنه المأمون.