قصة قصيدة ماذا أردت إلى روح معلقة

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة ماذا أردت إلى روح معلقة:

أمّا عن مناسبة قصيدة “ماذا أردت إلى روح معلقة” فيروى بأنّه بينما كان عمر بن عبد الرحمن في بيته في يوم من الأيام، دخل عليه أحد خدامه، وقال له: هنالك رجل على الباب ومعه كتاب لك، فأمره بأن يدخله، أو أن يأخذ منه الكتاب الذي معه، فأحضر له الخادم الكتاب، فمسكه وفتحه وقرأ ما فيه، فكان فيه هذه الأبيات:

تجنَّبكَ البلا، ولقيتَ خيرًا
وسلَّمكَ المليكُ من الغُمومِ

شكَوْنَ بناتُ أحشائي إليكُم
هَوَايَ حينَ ألفَتْني كَتُوم

وحاولن الكِتابَ إليكَ في ما
يُخامِرُها فدَتكَ من الهُمُومِ

وهُنَّ يَقُلن يا ابن الجودِ: إنَّا
بَرِمنا مِن مُراعاةِ النُّجُومِ

وعندكَ لو مَننتَ شفاءُ سُقمي
لأعضاءٍ ضنينَ من الكُلُومِ

وعندما قرأ هذه الأبيات، قال في نفسه: لا بد أنه عاشق، فأمر الخادم أن يدخله إليه، ولكن الخادم حين خرج لم يجد الشاب الذي كان على الباب، وعاد إلى مولاه عمر وأخبره بذلك، فارتاب عمر وأخذ يفكر في أمر هذا الشاب، وما هي الطريقة التي تمكنه من رؤيته، فأمر بجميع جواري البيت، وجلس معهن، وقص عليهن خبر الكتاب، وما فيه من شعر، ولكن الجواري أقسمن بأنهن لا يعرفن شيئًا عن خبر هذا الشاب، وسألنه عن الشاب، ولكنه أخبرهن بأنه لم يقابله، وبأنه غادر قبل أن يتمكن من رؤيته، ومن ثم قال لهنّ: والله إن كانت من قال فيها شعرًا واحدة منكن، فهي له مني، وبيدها أن تذهب له متى أرادت، على أن تأخذ له كتابًا مني.

وكتب له بكتاب يشكره فيه على ما قام بفعله، ويسأله عن حاله، وقام بوضع هذا الكتاب في وسط البيت، وأخَّرهن بمكانه، ولكن الكتاب بقي في مكانه عدة أيام، ولم تقم أي من الجواري بأخذه، فغمّ عمر بن عبد الرحمن بسبب ذلك، وقرر أن يمنع الجواري من الخروج من المنزل، وبعد عدة أيام، دخل خادمه عليه، ومعه كتابًا، وقال له بأن رجلًا من أصدقائه، قد بعث به إليه، ففتحه، ووجد فيه مكتوبًا:

ماذا أردتَ إلى رُوحٍ مُعلَّقَةٍ
عند التراقي، وحادي الموت يَحدوها

حثثتَ حاديها ظُلمًا فجَد بها
في السيرِ، حتى تولَّت عن تراقيها

حَجَبتَ من كان يَحيى عند رؤيته
رُوحي، ومن كان يَشفيني تلاقيها

فالنفسُ ترتاح نحو الظلمِ جاهِلةً
والقلبُ مني سليمٌ ما يؤاتيها

والله لو قِيلَ لي تأتي بفاحِشةٍ
وإن عُقباك دُنيانا وما فيها

لقُلتُ: لا والذي أخشى عُقوبتَه
ولا بأضعافِها ما كُنتُ آتيها

لولا الحياءُ لبُحنا بالذي كَتَمَت
بنتُ الفؤاد، وأبدَينا تمنِّيها

فقال لخادمه: إن أتاك أحد بكتاب، لا تدعه يغادر حتى أراه، واستمر بمنع جواريه من مغادرة البيت، ولكنه لم يسمع لذلك الشاب خبرًا بعد ذلك، وفي يوم توجه إلى مكة المكرمة، لأداء مناسك الحج، وبينما هو يطوف، بدأ شاب بالطواف بجانبه، وعندما انتهى من طوافه، خرج من الحرم، فأخذ الشاب يتبعه، وأوقفه، وقال له: هل تعرفني؟، إنني صاحب الكتابين، فأخذ عمر بن عبد الرحمن يقبل رأسه، وقال له: والله إنك قد شغلتني، وإن أمرك قد تسبب بالغمة على قلبي، فهل تخبرني من تريد، حتى أهبك إياها؟، ولكن الشاب لم يقبل أن يخبره من هي، وقال له: لقد عاهدت الله أن لا أخبر اسمها لأحد، ثم غادر، ولم يره بعد ذلك قط.

حالة الشاعر:

كانت حالة الشاعر حينما ألقى هذه القصيدة الحزن الشديد لفراق محبوبته، والشوق الشديد لها.


شارك المقالة: