قصة قصيدة ما في زمانك من ترجو مودته

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة ما في زمانك من ترجو مودته

أمّا عن مناسبة قصيدة “ما في زمانك من ترجو مودته” فيروى بأنه كان هنالك تاجر في يقال له مجد، وكان عنده الكثير من المال والعبيد والجواري، وبلغ من العمر ستون عامًا، ولم يرزق بولد، وبعد ذلك رزق بمولود وسماه علي، فكبر علي وأصبح كالبدر، وعندما أصبح رجلًا مرض والده بمرض الموت، ودعاه، وقال له: يا بني، إن وقت منيتي قد اقترب، وأريد أن أوصيك بوصية، فقال له علي: وما هي؟، فقال له: أن لا تعاشر أحدًا من الناس، وأن تتجنب جليس السوء، فإن لم تحرقك ناره، فإن دخانه سوف يضرك، وقد أحسن الشاعر عندما قال:

ما في زَمانك مَن تَرجو مَودّتُهُ
إَلا كَريمٌ لِأَبناءِ الكِرامِ صَفا

فَما أَخو اللُؤم لِلحُرِّ الكَريمِ أَخٌ
وَلا صَديقٌ إِذا خانَ الزَّمانَ وَفى

فَعِشْ فَريداً وَلا تَركن إِلى أَحَدٍ
يجزيكَ مِن ثِقَةٍ أَسلَفتَها لَهَفا

أَو لا فَكُن أَبَداً مِنهُ عَلى حَذَرٍ
وَقَد نَصَحتُكَ فيما قُلتُهُ وَكَفى

فقال له: لقد سمعت وأطعت يا والدي، وثم ماذا أفعل؟، فقال له والده: إن استطعت فافعل الخير، واصنع الجميل مع الناس، واغتنم فعل المعروف، فإنه لا ينجح في كل وقت، وما أفضل من قول الشاعر:

ليس في كل ساعة وأوان
تأتي صنائع الإحسـان

فإذا أمسكتك بادر إليهـا
حذر من تعذر الإمكان

فقال له: سمعت وأطعت، ثم ماذا؟، فقال له والده: احفظ الله يحفظك، وحافظ على مالك، فإن فرطت به، فسوف تحتاج الناس، واعلم أن قيمتك ما ملكت يمينك، وما أفضل من قول الشاعر:

إن قل مالي فلا خل يصاحبنـي
وإن زاد مالي فكل الناس خلاني

فكم عدو لأجل المال صاحبنـي
وكم صديق لفقد المال عادانـي

فقال له ابنه: ثم ماذا؟، فقال له: شاور من أكبر منك، وارحم من أصغر منك، ولا تظلم أحدًا، وما أفضل من قول الشاعر:

أقرن برأيك غيرك واستشر
فالرأي لا يخفى على الاثنين

فالمرء مرآة تريه وجـهـه
ويرى قفاه بجمع مرآتـين

وقول الآخر:

تأن ولا تعجـل لأمـر تـريده
و كن راحماً للناس تبلى براحم

فما من يد إلا يد الله فوقـهـا
ولا ظالم إلا سيبلى بـظـالـم

وقول الآخر:

ولا تظلمن إذا كنت مقتـدراً
إن الظلوم على حدً من النقم

تنام عيناك والمظلوم منتبـه
يدعو عليك وعين الله لم تنم

وإياك وأن تشرب الخمر فهو رأس كل شر وشربه مذهب العقول، وما أفضل من قول الشاعر:

تالله لا خامرتني الخمر ما عـلـقـت
روحي بجسمي وأقوالي بإفصاحـي

ولا صبوت إلـى مـشـمـولة أبـداً يوماً
ولا اخترت ندماناً سوى الصاحي

نبذة عن إبراهيم اليازجي

إبراهيم بن ناصيف بن عبد الله بن ناصيف بن جنبلاط، عالم بالأدب واللغة، أصل أسرته من حمص، و هاجر أحد اجداده إلى لبنان، ولد ونشأ في بيروت.


شارك المقالة: