نبذة عن الشاعر الأحوص الأنصاري:
هو عبدالله بن محمد بن عبد الله بن عاصم الأنصاري، وهو من بني ضبيعة، لقب بالأحوص الأنصاري وسبب ذلك ضيق في عينيه، وقد اشتهر الأحوص بأنّه شاعر هجاء، وقد عاصر الجرير والفرزدق، واعتبروه من طبقة جميل بن معمر ونصيب.
سكن في المدينة المنورة، ومن ثم توجه إلى الشام عند عبد الملك بن مروان، وقام بمدحه وأسكنه بالقرب منه، ولكنّه وعندما ورده بأن الأحوص قد قام بفعل سيء، أمر بأن يجلد، ومن ثم أمر بأن ينفى إلى جزيرة دهلك، وهي موجودة بين اليمن والحبشة، وبقي في هذه الجزيرة، حتى أتى يوم سمع فيه يزيد بن عبد الملك شعرًا له، وسأل عنه، وأمر بإخراجه من هنالك، ومن ثم عاد إلى دمشق وبقي فيها حتى مات.
قصة قصيدة ما لجديد الموت يا بشر لذة:
أمّا عن مناسبة قصيدة “ما لجديد الموت يا بشر لذة” فيروى بأنّ الأحوص الأنصاري كان له جارية تسمى بشرة، وقد كان الأحوص يحبها حبًا شديدًا، ويعشقها بشدة، وكانت هي أيضًا تحبه، وعندما سافر إلى دمشق أخذها معه إلى هنالك، وفي يوم من الأيام وبينما هما جالسان، تغيرت ملامح بشرة، وبدا عليها الخوف، وعندما نظر إليها الأحوص ولاحظ عليها ملامح الخوف، سألها قائلًا: ما بك يا بشرة، فقالت له: لقد راودني شعور سيء، فقال لها: وما هو؟، فقالت له: أحسست بأنّك سوف تموت، ولكنّه عندما سمع ذلك لم يخف، وحاول أن يخفف عن بشرة، ومن ثم أنشدها قائلًا:
ما لِجَديدِ المَوتِ يا بِشرُ لَذَّةٌ
وَكُلُّ جَديدٍ تُستَلَذُّ طَرائِفُه
فَلا ضَيرَ إِنَّ اللَهَ يا بِشرُ ساقَني
إِلى بَلَدٍ جاوَرتُ فيهِ خَلائِفُه
فَلَستُ وَإِن عَيشٌ تَوَلّى بِجازِعٍ
وَلا أَنا مِمّا حَمَّمَ المَوتُ خائِفُه
ومن بعد ذلك بعدّة أيام مات الأحوص الأنصاري، وعندما وصل خبر موته إلى جاريته بشرة، بكت عليه بكاءً شديدًا، وبقيت على هذه الحال حزينة تبكي، وتندب سيدها حتى ساءت حالتها، وفي يوم وبعد موت الأحوص ببضعة أيام فقط وبينما هي تبكيه شهقت شقة وماتت من فورها، فقاموا بدفنها بجانب قبر الأحوص.