يحب الناس مجالسة الظرفاء والاستماع إلى أحاديثهم، ومن الظرفاء المشهورين أشعب الطماع، واليوم نقص عليكم بعض الطرائف والمواقف التي حصلت معه.
حالة الشاعر
كان الشاعر عندما أنشد هذه القصيدة واقعًا في حب فتاة، وهو يصف جمالها، ومعجب بالدين الذي عندها.
قصة قصيدة مضين بها والبدر يشبه وجهها
أما عن مناسبة قصيدة “مضين بها والبدر يشبه وجهها” فيروى بأن أشعب الطامع كان ظريفًا حسن اللسان، وكان أهل زمانه يحبونه لظرافته، بالإضافة إلى طمعه، فقد سمي بالطامع بسبب شدة طمعه، وكان أشعب يجيد الغناء، فقد كان صوته جميل، وكان ممن وفد على الخليفة الأموي الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان، وفي يوم من الأيام كان في مجلس، فقال: حدثني عكرمة عن ابن العباس، أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: “خصلتان من عمل بهما دخل الجنة”، ومن ثم توقف عن الكلام، فقال له رجل من الحاضرين: وما هما؟، فقال له: لقد نسي عكرمة إحداهما، ونسيت أنا الأخرى.
ويروى بأنه في يوم من الأيام أتاه غلامان، وأخذا يضحكان عليه، ويعبثان معه، فقال لهما لعله يبعدهما عنه: هنالك أناس هنا يوزعون الجوز، وأشار لهما على المكان، فأسرع الغلامان إلى ذلك المكان، وعندما رآهما مسرعان، قال: لعله خير، ولحق بهما، وقال له أحدهم في يوم: إلى كم وصل طمعك؟، فقال له: لم تتزوج فتاة من رجل في المدينة إلا وتمنين أن أكون أنا عريسها، وفي يوم مر برجل يصنع طبقًا من قش، فقال له: زد في حجمه، لعله يهدى لي في يوم ما.
وكان العديد من أكابر القوم يحبون الجلوس معه، والاستماع إلى حديثه، وكان من بين هؤلاء سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، حيث كان يستظرف أشعب، ويستحلي الجلوس معه، ويضحك منه، وكان كثيرًا ما يأخذه معه حينما يخرج إلى الصيد، وفي يوم من الأيام خرج أشعب مع سالم إلى الصيد، وبينما هما في الصيد، قال له سالم: غنِّ لي شيئًا من الشعر، فأخذ أشعب يغني قائلًا:
مضين بها والبدر يشبه وجهها
مطهرة الأثواب والدين وافر
يتغزل الشاعر بفتاة ويقول بأنها تشبه البدر من شدة جمالها، وثوبها طاهر، وبأنها صاحبة دين.
لها حسب زاكٍ وعرض مهذب
وعن كل مكروه من الأمر زاجر
من الخفرات البيض لم تلق ريبة
ولم يستملها عن تقى الله شاعر
فقال له سالم: أحسنت، فزدني، فأخذ أشعب يغني قائلًا:
ألمت بنا والليل داج كأنه
جناح غراب عنه قد نفض القطرا
فقلت أعطار ثوى في رحالنا
وما علمت ليلى سوى ريحها عطرا
فقال له: أحسنت، والله لولا أني أخاف أن يتحدث الناس، لأجزلت عليم بالجائزة، وإنك لمن الأمر بمكان.
الخلاصة من قصة القصيدة: كان الأشعب الطماع صاحب ظرافة، وله العديد من المواقف الظريفة.