قصة قصيدة نحن غرابا عك عك
أمّا عن مناسبة قصيدة “نحن غرابا عك عك” فيروى بأنه في عصر الجاهلية كان هنالك قبيلة من قبائل اليمن، وكان اسم هذه القبيلة قبيلة عك، وكان أهل هذه القبيلة يتوجهون إلى الحج في كل عام، ولكن قبل أن يتوجهوا إلى مكة المكرمة، كانوا يبعثون عبدان من عبيدهم قبلهم، وكان هذان العبدان أسودان، وكان العبدان يطوفان بالكعبة وهما يقولان: نحن غرابا عك، وكانا يعنيان بذلك أنهما عبدان من عبيد قبيلة عك، حيث أن أهل اليمن فيما مضى يطلقون على العبد شديد السواد اسم غراب.
وعندما يلحق أهل القبيلة بالعبدين، ويبتدئون بالطواف، يردون على العبدين قائلين: عك إليك عانية، وكانوا يعنون بذلك أن قبيلتهم قد جاءت خاضعة ومستسلمة لرب البيت، وهو كما كانوا يؤمنون هو هبل، ومن ثم يقولون عبادك اليمانية، وكانوا يعنون بذلك عبادك الذين أتوك من اليمن، ومن ثم يقولون: كيما تحج ثانية، وكانوا يقصدون بذلك أنهم قد أتوا إلى الحج مرة أخرى كما جاءوا في العام الذي سبق، فأصبح قولهم كأنه قصيدة، يرددونها كلما أتوا إلى بيت الله الحرام، لكي يعبدوا هبل، وهذه كلمات القصيدة:
نحن غرابا عك عك
عكوا إليك عانية
عبادك اليمانية
كيما نحج الثانية
لبيك اللهم هبل
لبيك يحدونا الأمل
الحمد لك
والشكر لك
والكل لك
يخضع لك
لبيك اللهم هبل
وبقي الحال هكذا حتى أتى الإسلام، ومعه سيد المرسلين وسيد الخلق أجمعين سيدنا محمد صل الله عليه وسلم، الهادي للحق السراج المنير، ومعه خير الرسالات التي أخرجت الناس من الظلمات إلى النور، وأوقف الحج بهذه الطريقة، وأصبح حجيج البيت يرددون كما أتوه: “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شري لك”، وتوقف أهل القبيلة من ترديد ما كانوا يرددونه من قبل، وأصبحوا يحجون للبيت لعبادة الله وحده، وأوقفوا عادة إرسال العبيد قبل أن يذهبوا، فكل الناس عبيد أمام الله سبحانه وتعالى، وتوقف الناس عن إطلاق الألقاب على بعضهم، حيث حرم الإسلام ذلك أيضًا.
حالة قائل القصيدة
كانت حالة قائل القصيدة الاستسلام والخضوع لرب البيت، كما كان يعتقد.