عندما يحب الرجل زوجته، يفعل كل ما يستطيع لكي يراها فرحة، وهذا ما فعله الخليفة هارون الرشيد عندما بنى لزوجته حديقة فيها بحيرة، وكانت من أجمل الحدائق في المدينة.
من هو هارون الرشيد؟
هو أبو جعفر هارون بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور، بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي القرشي، وهو خامس الخلفاء العباسيون.
قصة قصيدة نظرت عيني لحيني
أمّا عن مناسبة قصيدة “نظرت عيني لحيني” فيروى بأن الخليفة هارون الرشيد كان متعلقًا بزوجته زبيدة، وكان يحبها حبًا شديدًا، وكان الخليفة قد خصص لها مكانًا تخرج وتتنزه فيه، وعمل لها في هذا المكان سياجًا من الأشجار، وأمر بأن تدخل الماء إليه من كل جانب، والتفت الأشجار حول بحيرة في هذا المكان، فكان إذا دخل أحد يغتل فيها لم يره أحد من كثر الأشجار حولها.
وفي يوم من الأيام خرجت السيدة زبيدة من القصر، وتوجهت إلى ذلك المكان، وعندما دخلت إليه، توجهت إلى تلك البحيرة، فأخذت تنظر إليها، فأعجبت بها وبجمالها ورونقها، وكيف تلتف الأشجار من حولها، وكان ذلك اليوم يومًا حارًا، فنزلت إلى تلك البحيرة، ووصل خبر نزولها إلى ذلك المكان إلى الخليفة، فلحق بها، وأخذ يتجسس عليها من بين أوراق الأشجار، فأحست زوجته به، وعلمت بأنه يسترق النظر، ففرحت بذلك، وتوجه الخليفة عائدًا إلى القصر وهو ينشد بيتًا من الشعر، ويقول فيه:
نَظَرَتْ عَيْني لِحَيْني
نَظَراً وافَقَ شَيْنِي
يصف هارون الرشيد حاله عندما رأى زوجته وهي في البركة، ويقول بأنه عندما وقعت عيناه عليها، أعجب بما رآه، وكانت كما تخيل أن تكون.
وبقي يردد ذلك البيت طوال ليوم، ولكنه لم يعرف ماذا يقول بعده، فأرسل في طلب الشاعر أبي نواس، فأتاه أبو نواس من فوره، ودخل إلى مجلسه، ووقف بين يديه، فقال له الخليفة: يا أبا نواس، أنشدني شعرًا يكون في أوله:
نَظَرَتْ عَيْني لِحَيْني
نَظَراً وافَقَ شَيْنِي
فقال له أبو نواس: أمرك يا مولاي، ومن ثم أخذ ينشد أبياتًا من الشعر قال فيها:
نَظَرَتْ عَيْني لِحَيْني
نَظَراً وافَقَ شَيْنِي
من غزال قد سباني
تحت ظل الدرتـين
سكب الماء عـلـيه
بأباريق اللـجـين
نظرتني سـتـرتـه
فاض من بين اليدين
ففرح الخليفة بما سمع منه، وأمر له بمكافئة، فشكره أبو نواس، ومن ثم انصرف عائدًا إلى بيته.
الخلاصة من قصة القصيدة: رأى الخليفة هارون الرشيد يومًا زوجته وهي في البحيرة، فأعجب بما رآه، وأخذ ينشد شعرًا، ولكنه لم يعرف كيف يكمله، فبعث في طلب أبي نواس، وطلب منه أن يكمله، فأكمله، وأعجب الخليفة بما سمع منه، وأكرمه.