قصة قصيدة هبيني يا معذبتي أسأت

اقرأ في هذا المقال


عندما يخطئ المرء بحق من يهتم به، فإن الأجدر به الاعتذار عن فعلته، وما حصل في قصتنا لهذا اليوم ما هو إلا مثال على ذلك.

حالة الشاعرة؟

كانت حالة الشاعرة عندما أنشدت هذه الأبيات الندم على إساءتها لصديقتها.

قصة قصيدة هبيني يا معذبتي أسأت

أما عن مناسبة قصيدة “هبيني يا معذبتي أسأت” فيروى بأن شاعرًا من أهل البصرة يقال له إبراهيم السويقي مر بسنين شيقة، فكان يشكو من الفقر وكثرة العيال، وكان مشهورًا بشعره، فيقصد به كبار المدينة وأهل الأقدار، حتى جافاه كل أهل البصرة، ومل منه جميع من كان يقصدهم بقصائد يمدحهم بها، فضره ذلك كثيرًا، وفي يوم من الأيام كان جالس مع زوجته، وكان ذلك اليوم شديد البرودة، فقالت له زوجته: لقد طال علينا الفقر، وأنت جلس في البيت منذ زمان، لم تأتنا بشيء، فاخرج من البيت ودعني مع أبنائي أقوم بهم لوحدي، فصنعتك لا تجدي علينا شيء، وألحت عليه بذلك حتى خرج.

ولم يكن يرتدي فوق ملابسه سوى فرو قديم وعلى عنقه إزار، فجاءت ريح فرقته عن جسده من كثرة بلاه ورقعه، وكان محتارًا لا يعرف أين يذهب، وبدأت السماء تمطر، ووصل إلى بيت أمامه دكان ليس به أحد، فاحتمى بها من المطر، وبينما هو أمام هذا البيت رأى جارية عند الباب، فقالت له: ابتعد من أمام بيتنا يا شيخ، فقال لها: ويحك، لستُ بسائل، ولا ممن يخاف جانبهم، وجلس.

وبينما هو جالس سمع صوت امرأة من البيت وكانت تتحدث إلى أخرى وتعاتبها، ومن ثم سمع الأخرى وهي تقول: فعلت وفعلت، والأولى تقول لها: لا بل أنت من فعلت وفعلت، ومن ثم قالت: جعلني الله فداءً لك، فإن كنت أسأت، فاغفري لي، واحفظي عني هذين البيتين، ومن ثم أخذت تنشد قائلة:

هبيني يا معذبتي أسأت
وبالهجران قبلكم بدأت

فأين الفضل منك فدتك نفسي
علي إذا أسأت كما أسأت

تعتذر الشاعرة في هذه الأبيات من صديقتها على إساءتها لها، وتطلب منها أن تعفو عنها بسبب ذلك.

ومن ثم خرجت إليه، وقالت له: ي أبا إسحاق، ما بك تبدو على هذه الهيئة التي أراك عليها؟، فقال لها: لقد غلبني الدهر، ولم ينصفني الزمان، وهجرت من أصحابي، وكسد شعري، فقالت له: لقد عز علي ذلك، وأشارت إلى من كانت معها: فأعطته سوارين من الذهب، ومن ثم قالت له: انتظرني هنا حتى أعود ولا تذهب، وغادرت هي ومن معها، فجلس ينتظرها، وبعد برهة من الزمن عادت الجارية ومعها وأعطته خمسة أثواب وصرة فيها ألف درهم، وقالت له: تقول لك مولاتي، انفق هذه، وإن احتجت إلى غيرها، فعد إلينا، فشكرها، وخرج إلى السوق وباع السوارين بخمسين دينارًا، وعاد غلى بيته.

وعندما دخل إلى البيت قالت له زوجته: عدت يا مشؤوم، فألقى الدنانير والدراهم والأثواب بين يديها، فقالت له: لقد كنت عندي في غاية الشؤم، ولكنك اليوم في غاية البركة.

الخلاصة من قصة القصيدة: خرج إبراهيم السويقي من بيته في أحد الأيام وكان يومًا ماطرًا، فاحتمى بأحد البيوت، وسمع جاريتان في البيت تعاتبان بعضهنَّ البعض، ومن ثم اعتذرت إحداهما للأخرى.


شارك المقالة: