اشتهر الشعراء العرب في العصور القديمة بتعدد أغراضهم الشعرية، ومن أحد هذه الأغراض الشعرية الرثاء، ومنهم من أجاد الرثاء حتى انه قام برثاء نفسه.
من هو الممزق العبدي؟
هو شأس بن نهار بن أسودة بن جزيل، شاعر من شعراء العصر الجاهلي، ولد في إقليم البحرين، ونشأ في شبه الجزيرة العربية.
قصة قصيدة هل للفتى من بنات الدهر من واق
أما عن مناسبة قصيدة “هل للفتى من بنات الدهر من واق” فيروى بأن العرب اعتادوا على أن يرثوا أنفسهم في أشعارهم، ويعتبر رثاء النفس من أصدق أنواع الرثاء وأبلغه، ومن أكثر أنواعه حزنًا، وعندما كان يشعر الشاعر منه باقتراب أجله وانقطاع أمله من هذه الدنيا ينشد أبياتًا من الشعر يرثى فيها نفسه، فيكون في تلك القصيدة الراثي والمرثي، فيبكي على نفسه في قصيدته قبل أن يموت، ومن الممكن أن يصف ما قد يحدث معه من بعد أن يموت.
ومن أشهر الشعراء العرب الذين كتبوا قصائد يرثون بها أنفسهم عندما أدركوا بأن موتهم قد حان، وحياتهم قد انتهت الشاعر الجاهلي الممزق العبدي، الذي قام في يوم من الأيام بهجاء النعمان بن المنذر، وعندما وصل شعره إلى مسامع النعمان بن المنذر غضب غضبًا شديدًا، وقرر أن يرسل إلى قبيلة الممزق العبدي بجيش، وبالفعل بعث بكتيبة من كتائبة يقال لها الدوسر، وعندما وصل خبر خروج هذه الكتيبة إلى الشاعر الممزق العبدي تيقن بأن موته قد اقترب، فأنشد قصيدة يرثى فيها نفسه، وفيها قال:
هَل لِلفَتى مِن بَناتِ الدَّهرِ مِن واقِ
أَم هَل لَهُ مِن حِمَامِ المَوتِ مِن رَاقِ
يتساءل الشاعر في هذا البيت إن كان هنالك أحد من الخلق يستطيع أن يقيه من الشر القادم إليه، وإن كان هنالك من يستطيع أن يبعد الموت عنه.
قَد رَجَّلُونِيَ وَما رُجِّلتُ مِن شَعَثٍ
وَأَلبَسُونِي ثِياباً غَيرَ أَخلاقِ
ورَفَعوني وَقالوا أَيُّما رَجُلٍ
وَأَدرَجوني كَأَنِّي طَيُّ مِخراقِ
وَأَرسَلوا فِتيَةً مِن خَيرِهِم حَسَباً
لِيُسنِدوا في ضَريحِ التُّربِ أَطبَاقي
هَوِّن عَلَيكَ وَلا تَولَع بِإِشفاق
فَإِنَّما مالُنا لِلوارِثِ الباقي
كَأَنَّني قَد رَماني الدَّهرُ عَن عُرُض
بِنافِذاتٍ بِلا ريشٍ وَأَفواقِ
الخلاصة من قصة القصيدة: قام الممزق العبدي بهجاء النعمان بن المنذر، فغضب النعمان منه غضبًا شديدًا، وبعث له بكتيبة من كتائبة، وعندما وصله خبر ذلك وأدرك بأن ميت لا محالة رثى نفسه بقصيدة.