قصة قصيدة هيج القلب مغان وصير:
أمّا عن مناسبة قصيدة “هيج القلب مغان وصير” فيروى بأن عمر بن أبي ربيعة اشتهر بكونه شاعر وسيم، وقد أحبته العديد من الفتيات، وفي يوم من الأيام ذهبت إحدى الفتيات اللواتي كنّ مغرمات به إلى بيت صديقة لها، وكان في يومها هنالك غبار في الجو، فقررت الفتاتان أن تبقيا في البيت وأن لا تخرجا، وجلسن هنّ وجمعن من صديقاتهن، وقررت الفتيات أن تقوم كل واحدة منهنّ بإخبار الأخريات بما عندها من أسرار، وعندما جاء دور الفتاة المغرمة بعمر للحديث، بدأت تذكر صفاته، وبينما هي تتحدث لاحظت بقية الفتيات الحاضرات بأنّها تحبه، فقد بدا ذلك على عيونها وعلى حركاتها وهي تتحدث عنه، وعندما عادت الفتيات إلى بيوتهن، نقلت إحداهن خبر تلك الفتاة، فذاع خبرها في المدينة، حتى وصل إلى عمر بن أبي ربيعة، وقد كان شديد الإعجاب بنفسه، فأنشد قائلًا:
هَيَّجَ القَلبَ مَغانٍ وَصَيَر
دارِساتٌ قَد عَلاهُنَّ الشَجَر
وَرِياحُ الصَيفِ قَد أَزرَت بِها
تَنسِجُ التُربَ فُنوناً وَالمَطَر
ظِلتُ فيها ذاتَ يَومٍ واقِفاً
أسأَلُ المَنزِلَ هَل فيهِ خَبَر
لِالَّتي قالَت لِأَترابٍ لَها
قُطُفٍ فيهِنَّ أُنسٌ وَخَفَر
إِذ تَمَشَّينَ بِجَوٍّ مُؤنِقٍ
نَيِّرِ النَبتِ تَغَشّاهُ الزَهَر
بِدِماثٍ سَهلَةٍ زَيَّنَها
يَومُ غَيمٍ لَم يُخالِطهُ قَتَر
قَد خَلَونا فَتَمَنَّينَ بِنا
إِذ خَلَونا اليَومَ نُبدي ما نُسِر
فَعَرَفنَ الشَوقَ في مُقلَتِها
وَحَبابُ الشَوقِ يُبديهِ النَظَر
قُلنَ يَستَرضينَها مُنيَتُنا
لَو أَتانا اليَومَ في سِرٍّ عُمَر
بَينَما يَذكُرنَني أَبصَرنَني
دونَ قَيدِ المَيلِ يَعدو بي الأَغَر
قالَتِ الكُبرى أَتَعرِفنَ الفَتى
قالَتِ الوُسطى نَعَم هَذا عُمَر
قالَتِ الصُغرى وَقَد تَيَّمتُها
قَد عَرَفناهُ وَهَل يَخفى القَمَر
نبذة عن الشاعر عمر بن أبي ربيعة:
هو عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وهو شاعر مشهور من شعراء قريش فقد اشتهر بإجادة فن الغزل في شعره، وهو وحد من شعراء الدولة الأموية، ولد في عام ثلاثة وعشرون للهجرة في مكة المكرمة، لم يعرف أشعر منه في زمانه، توفي عن عمر يناهز السبعين في عام ثلاثة وتسعون للهجرة.