قصة قصيدة والله لن يصلوا إليك بجمعهم
أمّا عن مناسبة قصيدة “والله لن يصلوا إليك بجمعهم” فيروى بأنّه عندما رأى كبار قريش بأن أمر رسول الله صل الله عليه وسلم قد عظم وقوي، وعندما رأوا ما فعل عمه أبو طالب، خرجوا إليه، وأخذوا معه غلامًا من قريش يقال له عمارة بن الوليد، ودخلوا إليه، وجلسوا معه، وقالوا له: هذا من أفضل غلمان قريش، وأكثرهم جمالًا، فخذه وأعطنا ابن أخاك، وهو الذي خالف دينك ودين آبائك وأجدادك، فنقوم بقتله، وبذلك يكون محمد بعمارة، فغضب أبو طالب مما سمع، وقال لهم: ويلكم، أتطلبون مني أن تعطوني غلامكم فأربيه لكم، وأعطيكم محمدًا فتقتلونه.
فقال له أحد كبار قريش: يا أبا طالب، لقد أنصفك القوم بما طلبوا منك، وإن لم تفعل ما يطلبوه منك، فسوف يقومون ببذل جهدهم لكي يتخلصوا منك بكل الطرق الممكنة، فقال له أبو طالب: لا والله لم ينصفوني، ولكنهم قد اجتمعوا على خذلاني، فاعمل أنت وهم ما بدا لكم، فهموا بالخروج من مجلسه، وقبل أن يخرجوا قالوا له: إمّا أن تجعل لنا سبيل عليه، ونقتله، وبذلك تكون على مثل ما نحن عليه، وإن لم تفعل، فعليك أن تجمع لقتالنا، فإنا لن نتركه على ما هو عليه حتى نقتله، أو أن يكف عنا، ونحن لم نكن نريد قتالك، ولكن بإصرارك هذا فأنت تجبرنا على ذلك.
فبعث أبو طالب إلى رسول الله صل الله عليه وسلم، وقال له: يا ابن أخي، إن قريش قد أتوا إلي، وطلبوا مني أن أجعل بينك وبينهم سبيلًا، لكي يقتلوك، فأبق علي وعلى نفسك، ولا تقم بتحميلي ما ليس لي به طاقة، وامتنع عن اظهار ما يكرهون منك، فقال له صل الله عليه وسلم: “والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك في طلبه” فقال له عمه: إذن ابق على أمرك، ولكني والله لا أسلمك أبدًا، ومن ثم بعث إلى أقاربه، يطلب منهم نصرته، فأجابوه، ولبوا ندائه، فأنشد أبو طالب في خبر ذلك قائلًا:
وَاللَهِ لَن يَصِلوا إِلَيكَ بِجَمعِهِم
حَتّى أُوَسَّدَ في التُرابِ دَفينا
فَاِصدَع بِأَمرِكَ ما عَلَيكَ غَضاضَةٌ
وَاِبشِر بِذاكَ وَقَرَّ مِنهُ عُيونا
وَدَعَوتَني وَزَعَمتَ أَنَّكَ ناصِحٌ
وَلَقَد صَدَقتَ وَكُنتَ ثَمَّ أَمينا
وَعَرَضتَ ديناً قَد عَلِمتُ بِأَنَّهُ
مِن خَيرِ أَديانِ البَرِيَّةِ دينا
لَولا المَلامَةُ أَو حِذاري سُبَّةً
لَوَجَدتَني سَمحاً بِذاكَ مُبينا
نبذة عن أبي طالب
هو أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي القرشي، عم النبي محمد صل الله عليه وسلم.