قصة قصيدة ولقد رأيت الفاعلين وفعلهم

اقرأ في هذا المقال


نقص عليكم اليوم شيئًا من خبر أحد كرماء العصر الجاهلي وهو عبد الله بن جدعان، وما حصل له مع الشاعر أمية بن أبي الصلت.

من هو أمية بن أبي الصلت؟

هو أبو الحكم أمية بن أبي الصلت الثقفي، شاعر من شعراء العصر الجاهلي، ومن أهل الطائف.

قصة قصيدة ولقد رأيت الفاعلين وفعلهم

أما عن مناسبة قصيدة “ولقد رأيت الفاعلين وفعلهم” فيروى بأن عبد الله بن جدعان صاحب شرف، وهو أحد كبار قريش في العصر الجاهلي، وكان من الرجال الذين حرموا على أنفسهم شرب الخمر في العصر الجاهلي، وسبب ذلك أنه في يوم من الأيام شرب الخمر فأخذ يمد يده نحو ضوء القمر، يريد أن يمسكه، فأخذ الحاضرون يضحكون عليه، وعندما أفاق مما هو فيه أخبروه بما حصل، فأقسم أن لا يشربها مرة أخرى، وكان بنو تيم في حياته كأنهم أهل بيت واحد، فكانوا أقوياء، وكان عبد الله من الكرماء، فكان يذبح في بيته، ويبعث رجلًا لينادي بين أهل قريش بأن من يريد منهم الشحم واللحم فعليه أن يتوجه إلى بيت عبد الله بن جدعان.

وفي يوم من الأيام مر أمية بن أبي الصلت على قوم بني الديان، فرأى طعامهم، وكان طعامهم لب اللوز والشهد والسمان، وكان بنو الجدعان يطعمون التمر واللبن، فأخذ ينشد قائلًا:

وَلَقَدْ رَأَيْت الْفَاعِلِينَ وَفِعْلَهُمْ
فَرَأَيْت أَكْرَمَهُمْ بَنِي الدّيّانِ

الْبُرّ يُلْبَكُ بِالشّهَادِ طَعَامُهُمْ
لَا ما يعلّلنا بنو جدعان

يقول الشاعر في هذه الأبيات بأنه عندما رأى طعام بني الديان علم بأنهم هم الكرماء، فطعامهم ليس كالطعام الذي كان يطعمه إياهم بنو الجدعان.

وعندما وصل الشعر إلى عبد الله، بعث بألفي ناقة إلى الشام محملة ببر وشهد وسمن، وأخذ منادٍ ينادي ألا فاقبلوا إلى طعام عبد الله بن جدعان، وكان مما مدح أمية بن أبي الصلت عبد الله قصيدة قال فيها:

أَأَذكُرُ حاجَتي أَم قَد كَفاني
حَياؤُكَ إِنَّ شيمَتَكَ الحَياءُ

وَعِلمُكَ بِالأُمورِ وَأَنتَ قَرمٌ
لَكَ الحَسَبُ المُهَذَّبُ وَالسَناءُ

كَريمٌ لا يُغَيِّرُهُ صَباحٌ
عَنِ الخُلُقِ السَنِيِّ وَلا مَساءُ

فَأَرضُكَ كُلُّ مَكرُمَةٍ بَناها
بَنو تَيمٍ وَأَنتَ لَها سَماءُ

إِذا أَثنى عَلَيكَ المَرءُ يَوماً
كَفاهُ مِن تَعَرُّضِهِ الثَناءُ

تُباري الريحَ مَكرُمَةً وَمَجداً
إِذا ما الكَلبُ أَجحَرَهُ الشِتاءُ

إِذا خُلِّفتَ عَبدَ اللَهِ فَاِعلَم
بِأَنَّ القَومَ لَيسَ لَهُم جَزاءُ

فَأَبرَزَ فَضلَهُ حَقّاً عَلَيهِم
كَما بَرَزَت لِناظِرِها السَماءُ

فَهَل تَخفى السَماءُ عَلى بَصيرٍ
وَهَل بِالشَمسِ طالِعَةً خَفاءُ

بُناةُ مَكارِمٍ وَأُساةُ كَلمٍ
دَماً وَهُمُ مِنَ الكَلمِ الشِفاءُ

الخلاصة من قصة القصيدة: كان عبد الله بن جدعان من كرماء قريش، وكان يطعم أهل قريش، وفي يوم خرج أمية بن أبي الصلت إلى الشام، ونزل عند بني الديان، ورأى طعامهم، فأنشد قصيدة يمدح كرمهم بها، ويقارنهم بعبد الله بن جدعان، فأرسل عبد الله بطعام كطعامهم إلى الشام.

المصدر: كتاب "المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام" تأليف جواد عليكتاب "شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام" تأليف أبو الطيب المكي الحسني الفاسي كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثيركتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة


شارك المقالة: