نروي لكم اليوم خبر الخليفة المعتضد عندما عمل بيت شعر لم يجد له ثانٍ.
قصة قصيدة ولما انتهينا للخيال الذي سرى
أما عن مناسبة قصيدة “ولما انتهينا للخيال الذي سرى” فيروى بأن كان للخليفة المعتضد جلساء وندماء اعتاد على مجالستهم والسمر معهم، وفي ليلة من الليالي وبينما كان الخليفة مع ندمائه، شعر الخليفة بالنعاس، فأخبرهم بأنه سوف يذهب إلى حظاياه ويتركهم فيما هم به من سمر، فخرج من المجلس وتوجه إلى بيت نومه، وبقي الندماء في المجلس حتى ناموا جميعهم.
وبعد أن دخل الخليفة إلى بيت نومه وحاول أن ينام لم يستطع، وجافاه النوم، فخطر له بيت من الشعر، وأراد له ثانٍ، ولكنه لم يعمله، فنادى على خادمه، وأمره أن يذهب إلى ندمائه ويسألهم أن يعملوا بيتًا ثانيًا للبيت الذي وضعه، وأخبره بيت الشعر الذي عمله، فخرج الخادم من عنده وتوجه صوب ندماء الخليفة، وأيقظهم من نومهم، وقال لهم: يقول لكم أمير المؤمنين بأنه قد أصابه أرق من بعد أن غادركم، وبأنه قد عمل بيتًا من الشعر لم يتمكن من إيجاد ثانيه، ويخبركم بأن من عمل ثانيه فإن له جائزة، وهو هذا البيت:
ولما انتهينا للخيال الذي سرى
إذا الدار قفر والمزار بعيد
يقول الشاعر في هذا البيت بأنه عندما سرح بخيال يتذكر أيام الصبى وجد الدار خالية ومزارها بعيد.
وكان من بين ندماء الخليفة شاعر يقال له ابن العلاف، فجلس القوم من فرشهم يفكرون في بيت ثانٍ لبيت الخليفة، فقام ابن العلاف، وأخذ ينشد قائلًا:
فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي
لعل خيالا طارقا سيعودُ
فخرج الخادم من المجلس، وتوجه عائدًا صوب الخليفة، وأنشده بيت الشعر الذي أنشده ابن العلاف، فوقع بيت الشعر من الخليفة موقعًا جيدًا واستحسنه، فأمر له بجائزة سخية.