نشبت العديد من الخلافات بين العرب في مصر والمصريين، ومن ذلك ما حصل بينهم وبين الأقباط، واليوم نقص عليكم ما دار بينهم.
من هو يحيى الخولاني؟
هو يحيى الخولاني، شاعر من شعراء العصر العباسي، من أهل مصر.
قصة قصيدة ومن أعجب الأشياء أن عصابة
أما عن مناسبة قصيدة “ومن أعجب الأشياء أن عصابة” فيروى بأن العرب الذين كانوا يعيشون في مصر كانوا قد كونوا طبقة خاصة بهم، ولم يقبلوا أن يصل إلى طبقتهم المصريون، وبسبب ذلك كانت العلاقة بين العرب والمصريين في غاية السوء خلال العصر العباسي، ومن ذلك ما حصل مع جماعة من القبط دخلوا الإسلام، وعرفوا باسم أهل الحرس، ولكن العرب في مصر قاموا بالتحرش بهم، وآذوهم شر أذية، فقام أهل الحرس بجمع مبلغًا كبيرًا من المال، وتوجه جماعة منهم إلى القاضي العمري الذي عرف بأنه كان يقبل الرشوة، ودخلوا عليه، وأعطوه هذه النقود، وطلبوا منه أن يثبت لهم نسبًا عربيًا، كما وخرجت جماعة منهم، وتوجهوا صوب بغداد، ودخلوا إلى مجلس الخليفة هارون الرشيد، وطلبوا منه أن يثبت لهم نسبًا.
بالإضافة لكل ذلك فقد أتوا بجموع من أعراب الحوف الشرقي وبعضًا من اهل الشام، وأعطوهم مبالغًا كبيرة من المال لكي يشهدوا أمام القاضي أنهم من العرب، وأنهم ينتسبون إلى بني حوتكة من قضاعة، فقبل القاضي شهادتهم جميعًا، وسجل لهم بأنهم ينتسبون إلى بني قضاعة، فغضب عرب مصر من ذلك غضبًا شديدًا، وأخذ شعراءهم ينشدون القصائد ويهجون القاضي وأهل الحرس، ومن ذلك ما قال الشاعر يحيى الخولاني في هجاء رجل ممن أتوا ليشهدوا معهم يقال له حوي بن حوي العذري، فقال فيه:
يا ليت أم حُوَيٍّ لم تلد ذكرًا
أو ليت أن حُوَيًّا كان ذا خرس
كسا قضاعة عارًا في شهادته
لله در حوي شاهد الحرس
شهادة رجعت لو أنها قبلت
لألحق الزور منها العير بالفرس
ومما أنشد يحيى الخولاني في ذلك أيضًا:
ومن أعجب الأشياء أن عصابة
من القبط فينا أصبحوا قد تعربوا
يتعجب الشاعر في هذا البيت من الأقباط الذين أسلموا، ويتساءل كيف أصبحوا من العرب، وهم ليسوا منهم.
وقالوا: أبونا حوتك، وأبوهم
من القبط علج حبله يتذبذب
وجاءوا بأجلاف من الحوف فادعوا
بأنهم منهم سفاهًا وأجلبوا
ألا لعن الرحمن من كان راضيًا بهم
رغَمًا ما دامت الشمس تغرب
الخلاصة من قصة القصيدة: أسلم جماعة من قبط مصر، فأساء إليهم عرب مصر، فخرج منهم جماعة إلى القاضي العمري، ورشوه، وأحضروا له شهودًا رشوهم أيضًا، لكي يثبت لهم نسبًا عربيًا، فأثبته لهم، فغضب عرب مصر، وهجا شعراءهم القاضي والأقباط.