كانت عائلة البرامكة واحدة من أقوى العائلات في العصر العباسي، وبقوا على هذه الحال حتى حصلت نكبة البرامكة، ومن القصص التي تروي ما حصل مع البرامكة، قصة قصيدتنا لهذا اليوم، وهي قصة يحيى بن خالد البرمكي وهو في السجن مع الخليفة هارون الرشيد.
من هو هارون الرشيد؟
هو أبو جعفر هارون بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور، بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي القرشي، وهو خامس الخلفاء العباسيين، ولد في مدينة الري إحدى القرى التابعة لمدينة طهران في إيران، وتوفي في خراسان.
قصة قصيدة يا آل برمك إنكم
أما عن مناسبة قصيدة “يا آل برمك إنكم” فيروى بأن الخليفة هارون الرشيد سجن في يوم من الأيام يحيى بن خالد البرمكي، وبينما كان يحيى في السجن بعث إلى الخليفة برسالة، كتب له فيها: إلى أمير المؤمنين، وإمام المسلمين، وخليفة رسول الله، من عبد أثقلته العيوب، وأسلمته الذنوب، وخذل من قبل أخيه، ورفض من صديقه، وخانه الزمان، ونزل به ما نزل، وأصبح إلى الضيق بعد أن كان في سعة، وشرب كأس الموت مترعة، فنهاري أصبح فكر وليلي أصبح سهر، وساعتي أصبحت كأنها شهر، وليلي أصبح كأنه دهر.
ومن ثم أكمل قائلًا: فلا تنسى يا مولاي خدمتي لك، وارحم ما حل بي من ضعف ومن وهن، ومُنّ علي برضاك عني، فمن مثلي الخطأ، ومن مثلك العفو، وإني لا أعتذر بل أقر بخطأي، فتقبل صدق نيتي وطاعتي لك، ومن ثم كتب:
قل للخليفة ذي الصـــنائع
والعطايــــا الفاشية
وابن الخلائف من قريـش
والملوك العـاليـــة
إن البرامكة الذين
رموا لديك بداهيــة
عمتهم لك ســــــــخطة
لم تبــــــق منهم باقيــة
فكأنــــــهم ممــا بهـــم
أعجـاز نخــل خـاوية
صفر الوجوه عليهــــم
خلع المذلّـــة باديـــــة
بعد الإمـــارة والــــوزارة
والأمــور السامية
أضــحوا وجلّ منـــاهم
منك الرضـا والعافية
يا من يريــد لي الردى
يكفيك ، ويحك،ما بيه
يكفيــك أني مســــــتباح
عترتـي ونســائيه
وعندما وصل كتابه إلى الخليفة هارون الرشيد، وقرأ ما فيه، كتب على ظهر الورقة أبيات من الشعر قال فيها:
يا آل برمــــــــك إنكــم
كنتم ملوكا عاتيــــه
فبغيتم وطغيتــــــــــــم
وكفرتــم نعمـائيـــه
هذي عقوبة من عصى
من فوقه و عصانيه
يعاتب هارون الرشيد في هذه الأبيات يحيى بن خالد، ويقول له بأن عائلته كانت من العائلات القوية، ولكنهم طغوا، وأنكروا نعمه عليهم، وبأنه يستحق العقوبة التي ألقاها عليه، بسبب كل ذلك.
ثم كتب: بسم الله الرحمن الرحيم: {وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍۢ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ}، وعندما وصل رده إلى يحيى بن خالد، وهو في السجن، أصيب بالحمى، وعلم بأنه لا يوجد له مخلص مما هو فيه.
الخلاصة من قصة القصيدة: قام الخليفة هارون الرشيد بوضع يحيى بن خالد البرمكي في السجن، فبعث إليه برسالة يطلب فيها أن يسامحه ويعفو عنه، ولكن الخليفة لم يقبل بذلك، وبعث له بآيات من القرآن الكريم، وأبيات من الشعر تدل على رفضه.