قصة قصيدة يا أطيب الناس أغصانا وأعراقا
أمّا عن مناسبة قصيدة “يا أطيب الناس أغصانا وأعراقا” فيروى بأن أبو عبد الله محمد بن مروان بن عبد العزيز الكاتب كان في الأصل من قرطبة، ولكنه انتقل إلى بلنسية، وسكن فيها، وكان أبو عبد الله قد أصبح ذو شأن في أواخر فترة حكم صاحب بلنسية المنصور عبد العزيز بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي عامر، وبعد أن توفي وأصبح ابنه عبد الملك الحاكم في بلنسية، بقي حاله كما كان عليه في فترة حكم أبيه، ولكن عبد الملك كان ضعيفًا على غير حال أبيه، فتمكن يحيى بن إسماعيل ذو النون من خلعه، ووضع على بلنسية أبو عبد الله بن عبد العزيز، وجعل له تدبير أمرها، ومن بعد وفاته انتقل أمر بلنسية إلى ابنه أبي بكر، الذي عظم شأنه واستبد بالحكم، خصوصًا بعد موت المأمون ذي النون.
ومن شعر أبو عبد الله محمد بن مروان بن عبد العزيز ما قال مادحًا للوزير أبي عامر بن عبدوس:
يا أطيب الناس أغصاناً وأعراقاً
وأعذب الخلق آداباً وأخلاقاً
ويا حيا الأرض، لم نكّبت عن سنني
وسقت نحوي إرعاداً وإبراقا؟
ويا سنا الشمس، لم أظلمت في بصري
وقد وسعت بلاد الله إشراقا؟
من أي باب سعت عين الزمان إلى
رحيب صدرك حتى قيل قد ضاقا؟
قد كنت أحسبني في حسن رأيك لي
أني أخذت على الأيام ميثاقا
فالآن لم يبق لي بعد انحرافك ما
آسى عليه، وأبدي منه إشفاقا
قد كنت أوليك إحساناً وإشفاقا
وأنثني عنك مهما غبت مشتاقا
وما ألونك نصحاً لو جزيت به
ولم يكن من ذميم الغدر، ما عاقا
وقال أيضًا:
وكان من أملي أن أقتنيك أخاً
فأخفق الأمل المأمول إخفاقا
وقلت: غرس من الإخوان أكلؤه
حتى أرى منه إثماراً وإبراقاً
فكان لما انتهى إزهاره، ودنا
إثماره حنظلاً مرّاً لمن ذاقا
فالآن أخلق ما بيني وبينك منثوب
الوداد لسوء الفعل إخلاقا
ولست أول إخوان سقيتهم
صفوي وأعلقتهم بالنفس إعلاقا
فما جزوني بإحسان ولا عرفوا
قدري ولا حفظوا عهداً وميثاقا
نبذة عن محمد بن مروان
هو أبو عبد الله محمد بن مروان بن عبد العزيز، أصله من قرطبة، انتقل إلى بلنسية، وعاش فيها، وأصبح حاكمًا عليها، في عهد ملوك الطوائف.