قصة قصيدة يا أيها النازح الشسوع
أمّا عن مناسبة قصيدة “يا أيها النازح الشسوع” فيروى بأن يزيد بن الحكم الثقفي، رأى جارية يومًا في السوق، فأعجب بجمالها، ووقع في عشقها، وقرر أن يشتريها من مولاها، فبعث إليه بمبلغ كبير من المال مقابل هذه الجارية، واشتراها منه، وعندما حضرت إلى بيته، كان لا يرد لها طلبًا، ولكنها كانت غير مطاوعة له، وعلى الرغم من جميع محاولاته، إلا أنها استمرت على عدم إطاعتها له، فباعها لرجل من أهل الكوفة، وقبل أن تغادر بيته، وتذهب مع مولاها الجديد، مرت من أمامه، وعندما رآها رفع صوته، منشدًا:
يا أَيُّها النازِحُ الشَسوعُ
وَدائِعُ القَلبِ لا تَضيعُ
أَستَودِعُ اللَهَ مَن إِلَيهِ
قَلبي عَلى نَأيِهِ نَزوعُ
إِذا تَذَكَّرتُهُ اِستَهَلَّت
شَوقاً إِلى وَجهِهِ الدُموعُ
ومن ثم خرجت من بيته، وغادرت إلى الكوفة، وانقطع خبرها عنه مدة من الزمن، وفي يوم من الأيام وبينما هو جالس في مجلسه، دخل إليه رجل كبير في العمر، وقال له: هل أنت يزيد بن الحكم، فقال له يزيد: نعم، أنا هو، فأعطاه الرجل كتابًا مختومًا بالفضة، ففتحه، وقرأ ما فيه، وكان مكتوبًا:
لئن كوى قلبَكَ الشُّسوعُ
فالقلبُ مني به صُدوعُ
وبي وربِّ السماءِ فاعلم
إليك يا سيدي نُزُوعُ
أعِززْ علينا بما تلاقي
فينا وإن شَفَّنا الوَلوعُ
فالنفس حَرَّى عليك وَلْهَى
والعين عَبْرَى لها دموع
فموتنا في يد التنائي
وعيشُنا القربُ والرجوعُ
وحيثما كنتَ يا منايا
فالقلب مِنّي به خُشوعُ
ثم عليك السلام منّي
ما كان شمسها طلوعُ
وعندما انتهى من قراءة الكتاب، أخذ يبكي بكاءً شديدًا، حتى رق لحاله جميع من كان في المجلس، واستغرب الرجل من بكاءه فسأل عن خبر ما كان بينهما، فاستغفر الله لحمله كتابها إليه.
نبذة عن يزيد بن الحكم الثقفي
هو يزيد بن الحكم بن أبي العاص الثقفي البصري، وهو شاعر من شعراء العصر الأموي، جده أبو العاصي وهو أحد أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم، وهو من أهل الطائف، سكن في البصرة، اتصل بالحجاج بن يوسف الثقفي، وبسليمان بن عبد الملك بن مروان.