قصة قصيدة يا روح من لبنيات وأرملة

اقرأ في هذا المقال


كم من رجل عنده شيئًا من الدهاء خرج من موقف صعب بطريقة لا تخطر على بال، وممن فعل مثل ذلك شاعرنا الذي أخرج بشر بن مروان من موقف صعب بالاحتيال على روح الجذامي بشعر أقنعه بأن الخليفة مريض.

حالة الشاعر

كانت حالة الشاعر عندما كتب هذه القصيدة الرغبة لفي الاحتيال على روح الجذامي لكي يعيده إلى الشام، ويبعده عن بشر بن مروان.

قصة قصيدة يا روح من لبنيات وأرملة

أما عن مناسبة قصيدة “يا روح من لبنيات وأرملة ” فيروى بأن الخليفة عبد الملك بن مروان قد بعث بأخيه بشر بن مروان إلى الكوفة، وكان قد وضعه واليًا عليها، وبعث معه رجلًا يقال له روح الجذامي، وقال له: إن روح عمك، ولا يجب عليك أن تأمر أمرًا من دون أن ترجع إليه، وذلك لصدقه وعفته، ومحبته لنا، ومن ثم دعا روح إلى مجلسه، وقال له: اخرج مع ابن أخيك.

فقال له روح: أمرك يا أمير المؤمنين، ومن ثم خرج الاثنان إلى الكوفة، وكان بشر بن مروان رجلًا ظريفًا أديبًا، يحب الشعر والشعراء، ويحب السمر والسهر، وعندما رأى من روح حشمته وورعه، خاف أن يبعث إلى أمير المؤمنين ويخبره بأمره، فكان يتجنب السمر خوفًا من ذلك، وأخبر بذلك أحد ندمائه، فضمن له ذلك النديم أن يكفيه أمر روح، وضمن له أن يعيده إلى دمشق، من دون أن يسخط عليه أو يلومه، ففرح بشر بذلك، ووعده بمكافئة عظيمة إن فعل ذلك.

ولكن روح كان غيورًا، فكان إن خرج من داره أقفل بابها، وختم عليه بختم، وإن عاد فض ذلك، ودخل إلى داره، وفي ليلة من الليالي أتى نديم بشر، ووقف بجانب بيت روح، وجلس ينتظر، وعندما أراد روح الخروج إلى صلاة العشاء، غافله ودخل إلى المنزل قبل أن يخرج، واختبأ تحت أحد دهاليز البيت، وعندما خرج روح وأغلق الباب، خرج الشاب، وكتب على أحد جدران المنزل:

يا روح من لبنيات وأرملة
إذا نعاك لأهل المغرب الناعي

إن ابن مروان قد حانت منيته
فاحتل بنفسك يا روح بن زنباع

احتال الشاعر في هذه الأبيات على روح الجذامي وقال له بأن الخليفة مريض، وبأنه على وشك أن يموت، وطلب منه أن يعود إليه لكي يكون بجانبه عندما يموت.

ومن ثم عاد واختبأ، وعندما عاد رح، وفتح باب المنزل، غافله وخرج، وعندما دخل روح ورأى الكتابة، ارتاع وقال في نفسه: والله ما دخل البيت إنسي غيري، ومن ثم خرج إلى بشر، وقال له: أخبرني إن كنت تريد شيئًا من عند أمير المؤمنين، فقال له بشر: هل تريد السفر يا عم؟، فقال له: نعم، فقال له: لم تريد السفر؟، هل رأيت شيئًا أزعجك مني؟، فقال له: لا والله، ولكن شيئًا طرأ وعلي الانصراف، ومن ثم خرج عائدًا إلى الشام.

وعندما وصل الشام، ودخل إلى مجلس الخليفة، وأخبره بسبب عودته، أخذ الخليفة يضحك، فسأله روح عن سبب ضحكه، فقال له: لقد ثقل مقامك عند بشر عليه، فاحتال عليك هو وأصحابه، فلا تخف.

الخلاصة من قصة القصيدة: خرج بشر بن مروان ومعه روح إلى الكوفة، وكان بشر يخب السهر، ولكنه كان يخاف أن يخبر روح الخليفة بأمره، فسأل أحد ندمائه أن يساعده، فساعده نديمه على الاحتيال على روح.

المصدر: كتاب "البصائر والذخائر" تأليف أبو حيان التوحيديكتاب "جمع الجواهر في الملح والنوادر" تأليف الحُصري القيروانيكتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبةكتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهاني


شارك المقالة: