قصة قصيدة يا منزلا لعب الزمان بأهله

اقرأ في هذا المقال


كان البرامكة من أسياد القوم في زمانهم، ولكن الزمان دار عليهم، وأزيلوا عن بكرة أبيهم، ولكنهم كانوا كرماء أسخياء، فكان ذلك سببًا في حب الناس لهم، ورثاء الشعراء لهم بعد أن قتلوا، ومن هذا أبيات للشاعر أحمد بن طيفور.

من هو الشاعر أحمد بن طيفور؟

هو أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر طيفور الخراساني شاعر من شعراء العصر العباسي، ولد وتوفي في مدينة بغداد في العراق.

قصة قصيدة يا منزلا لعب الزمان بأهله

أما عن مناسبة قصيدة “يا منزلا لعب الزمان بأهله” فيروى بأن الخليفة هارون الرشيد خرج في يوم من الأيام إلى الصيد وكان معه الأصمعي، وكان ذلك بعد أن أباد البرامكة، وبينما هو صيده، اجتاز من أمام جدار من جدران البرامكة، فوقف عنده ورأى مكتوب عليه أبيات من الشعر، فاقترب منها، وإذ هي أبيات تقول:

يا مَنزِلاً لَعِبَ الزَمانُ بِأَهلِهِ
طَوراً يُفَرِّقُهُم وَطَوراً يَجمَعُ

يتألم الشاعر في هذا البيت على من كان يسكن في هذا البيت، وعلى الحال الذي أصابهم، فهم ساعة يتفرقون وساعة يتجمعون.

أَينَ الَّذينَ عَهِدتُهُم بِكَ مَرَّةً
كانَ الزَمانُ بِهِم يَضُرُّ وَيَنفَعُ

أَصبَحتَ تُفزِعُ مَن رَآكَ وَطالَما
كُنّا إِلَيكَ مِنَ الحَوادِثِ نَفزَعُ

أَيّامَ لا أَغشى لِأَهلِكَ مَربَعاً
إِلّا وَفيهِ لِلمَسَرَّةِ مَربَعُ

لَهفي عَلَيكَ لَو اِنَّ لَهفاً يَنفَعُ
أَو أَنَّ دَهراً راحِمٌ مَن يَجزَعُ

ما كانَ ذاكَ العَيشُ إِلّا خُلسَةً
خَطفاً كَرَجعِ الطَرفِ أَو هُوَ أَسرَعُ

فأخذ الخليفة يبكي، ومن ثم التفت إلى الأصمعي، وقال له: هل تعرف أخبارًا من أخبار البرامكة تحدثني بها؟، فقال له الأصمعي: وإن أخبرتك يا مولاي، فهل لي الأمان؟، فقال له الخليفة: لك ذلك، فقال له: أخبرك يا مولاي بخبر شاهدته بعيني من الفضل بن يحيى، ففي يوم خرج إلى الصيد، وكان في موكبه، فرأى رجلًا من الأعراب على ناقة، وكان مقبل من البرية، وكان مستعجل في مشيته، فقال الفضل: إن هذا الرجل يريدني، فقلت له: وما أدراك بذلك؟، فقال: لا يتكلم معه أحد سواي، وعندما اقترب الأعرابي، ورأى الخيام والعسكر، ظن بأن هذا الموكب للخليفة، فنزل عن ناقته، وقال للفضل: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال له الفضل: ها قد وصلت، فاجلس.

فجلس الأعرابي، وعندها سأله يحيى عن قبيلته، فأخبره بأنه من قضاعة، فسأله عن سبب قدومه إلى العراق، فأخبره بأنه يريد الفضل بن يحيى، فقال له الفضل: إن الفضل لا يجلس في مجلسه سوى العلماء والأدباء والفقهاء والشعراء، فما أنت منهم؟، فقال له الأعرابي: لست منهم، ولكني أتيته بسبب إحسانه ومعروفه وكرمه، ومعي بيتين من الشعر أريد أن أنشدهما له، فقال له: أنشدني إياهما، فإن استحسنتهما رتبت لك لقائه، فأنشده الأعرابي شعره، فأعجب به، وأخبره بأنه الفضل وأمر له بمائتي ألف درهم.

الخلاصة من قصة القصيدة: خرج الخليفة هارون الرشيد في يوم إلى الصيد، فمر من أمام بيت من بيوت البرامكة، وقرأ أبياتًا من الشعر على جدران هذا البيت، فبكى، وطلب من الأصمعي أن يقص عليه خبرًا من أخبارهم، فقص عليه خبرًا من أخبار الفصل بن يحيى، حيث كان شديد الكرم مع شاعر مدحه.


شارك المقالة: