قصة قصيدة يا نعمة الله دومي في بني جشم

اقرأ في هذا المقال


البحتري هو الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي، أبو عبادة البحتري شاعر كبير من شعراء العصر العباسي، وصاحب قصيدة يا نعمة الله دومي.

قصة قصيدة يا نعمة الله دومي في بني جشم

أما عن مناسبة قصيدة “يا نعمة الله دومي في بني جشم” فيروى بأن مالك بن طوق كان من الرجال المشهورين بكرمهم، وكان فارسًا شجاعًا، وكان له وقار وحشمة، فقد كان يقوم بالكثير من أعمال الخير والبر، وكان إذا أتى شهر رمضان نادى أهل المدينة بأن مالك بن طوق سوف يكون في كل يوم بعد صلاة المغرب في مجلسه في مدينة دمشق، وكان يعد الإفطار في كل يوم من أيام رمضان، ويفتح الأبواب أمام كل من يريد أن يتناول الإفطار، فيدخل الناس من دون أن يستأذنوا، ويأكلون، ولا يمنع أي منهم من ذلك.

وفي يوم من الأيام توفي ابنه وهو في دمشق، فقام بدفنه في مكان يدعى وطأة الأعراب، وكان هذا المكان يوجد خارج باب الصغير، وعندما انتهى من دفن ابنه، عاد إلى المدينة، وأول ما أمر به حينما عاد أن تقام الموائد لأهل المدينة، فقال له رجل يقال له نوح بن عمرو بأن هذا الوقت ليس وقتًا لإقامة الموائد، بل هو وقت مصيبة، فقال له مالك: إننا نخاف من المصيبة عندما لا تقع، وعندما تحصل فليس علينا إلا أن نصبر عليها، فأقام الموائد، وأكل منها أكثر أهل دمشق.

وبسبب كرمه؛ قام العديد من الشعراء بمدحه، ومنهم أبو تمام والبحتري، وكان مما قاله فيه البحتري:

يا نِعمَةَ اللَهِ دومي في بَني جُشَمٍ
بِمالِكِ المَلِكِ المَحمودِ مِن جُشَمِ

وَأَنتِ يا تَغلِبُ الغَلباءُ فَاِفتَخِري
فَقَد حَلَلتِ عَلى الهاماتِ وَالقِمَمِ

إِنَّ الأَميرَ اِبنَ طَوقٍ مالِكاً شَرَفٌ
كَساكِهِ اللَهُ بَينَ العُربِ وَالعَجَمِ

سَيفٌ إِمامُ الهُدى ما هَزَّ قائِمَهُ
إِلّا أَقامَ بِهِ مَن كانَ لَم يَقُمِ

كَم مِن عَزيزٍ طَوى كَشحاً عَلى رَغَمٍ
أَزَلَّ أَخمَصَهُ عَن مَوطِئَ القَدَمِ

سائِل بِأَيّامِهِ عَنهُ الأُلى اِجتَرَموا
ماذا بِهِم صَنَعَت عَواقِبُ الجَرَمِ

لَمّا طَغَوا وَبَغَوا جَهلاً عَبا لَهُم
حَرباً تُغِصُّهُمُ بِالبارِدِ الشَبِمِ

أَعذَرتَ بِالسِلمِ حَتّى ظَنَّ جاهِلُهُم
أَن قَد لَهَوتَ وَقَد أَغضَيتَ مِن صَمَمِ

وفي يوم من الأيام مدح الشاعر أبو شبل مالك، فأمر بأن يبعثوا له بمائة دينار، فبعثوها إليه وكانت في صرة، وعندما وصلت إلى أبي شبل ظن بأنها مائة درهم، فقام بإعادتها، وبعث له قائلًا:

فليت الذى جادت به كفّ مالك
ومالك مدسوسان في است أمّ مالك

وكان إلى يوم القيامة في إستها
فأيسـر مفقود وأيسـر هالــك

وعندما وصلت الصرة مع الشعر، قرأ الشعر الذي جاء بها، فأمر بأن يحضروه إليه، وعندما أحضروه، ووقف بين يديه، قال له: لقد ظلمتني واعتديت علي، فقال له أبو شبل: لقد أمرت لي بألف درهم، ومن ثم بعثت لي بمائة درهم، فقال له مالك: افتحها، وعندما فتحها وجدها مائة دينار، فطلب منه أن يسامحه على خطئه، فسامحه.


شارك المقالة: