قصة قصيدة يدي يا أمير المؤمنين أعيذها
أمّا عن مناسبة قصيدة “يدي يا أمير المؤمنين أعيذها” فيروى بأنه في يوم من الأيام قام شاب بسرقة بيت من بيوت مدينة دمشق، ولكن أحد جيران هذا البيت رآه وهو يدخل إلى البيت، فجمع له جماعة من أهل الحي، وقاموا بالإمساك به، وقادوه إلى الشرطة، وفي صباح اليوم التالي أخذه قائد الشرطة إلى مجلس الخليفة، وعندما دخل إلى مجلس الخليفة ووقف بين يديه، سأله الخليفة عن سبب قيامه بالسرقة، فأخبره بأنه ما فعلها إلا بسبب الحاجة، ولم يقتنع الخليفة بالسبب الذي أدى بهذا الشاب للقيام بالسرقة، أمر بأن يضعوه في السجن، وأن يقطعوا يده له، فاقتادوه إلى السجن.
وبعد أن قضى الشاب مدة من الزمان في الحبس، بعث إلى الخليفة ببيتين من الشعر، قال فيهما:
يدي يا أمير المؤمنين أعيذها
بعفوكَ أنْ تلقى مكاناً يَشينُها
ولا خير في الدُّنيا وكانت حبيبةً
إذا ما شمالي فارقتها يمينُها
وعندما وصلت هذه الأبيات إلى الخليفة، لم يكترث لها، وأصر على أن يقوم بقطع يده، وعندما وصل خبر ذلك إلى أم ذلك الشاب، قررت أن تذهب بنفسها إلى الخليفة، وتطلب منه العفو عن ابنها، فتوجهت إلى قصره، واستأذنت للدخول إلى مجلسه، فدخل الحاجب إليه، وأخبره بأن أم الشاب الذي سرق على الباب تطلب الإذن للدخول، فأمره أن يدخلها، فخرج، وأدخلها إلى المجلس.
وعندما دخلت أم هذا الشاب إلى مجلس الخليفة، قالت له: يا أمير المؤمنين، إن ابني هو وحيدي وكاسبي، فقال لها الخليفة: بئس الكاسب كاسبك، وإن قطع يده هي حد من حدود الله، ولست أنا من يعطل حدود الله، فقال له: يا مولاي، اجعل ذنبه من الذنوب التي يستغفر الله منها، فسكت الخليفة لبرهة، وأخذ يفكر، ومن ثم قال لها: حسنًا لقد عفوت عنه، فشكرت المرأة الخليفة، وخرجت من مجلسه، وأخذت غلامها معها، وتوجهت عائدة إلى بيتها.
حالة الشاعر
كانت حالة الشاعر عندما أنشد هذه القصيدة الخوف من أن تقطع يده، وطلب المغفرة من أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان.