قصة كيف أشعل الغراب النار للهنود

اقرأ في هذا المقال


قصة كيف أشعل الغراب النار للهنود أو ( How Raven Brought Fire to the Indians) حكاية فلكلورية أمريكية أصلية تم جمعها من كندا، للمؤلف سايروس ماكميلان، نشرها ( S. B. Gundy، Toronto) جون لين ذا بودلي هيد.

الشخصيات:

  • الغراب.
  • الخُلد. 
  • البرغوث.
  • نورس البحر.
  • العصفور.

قصة كيف أشعل الغراب النار للهنود:

منذ عدة عصور عاش غراب ونورس البحر الأبيض بالقرب من كندا، بعيدًا في الدولة الشمالية على شواطئ الغرب، لقد كانوا أصدقاء حميمين وعملوا دائمًا في وئام وكان لديهم الكثير من الطعام والعديد من الخدم المشتركين، لم يعرف نورس البحر الأبيض أي مكر، كان دائمًا صريحًا وصادقًا في تعاملاته مع الآخرين، لكنّ الغراب كان ماكرًا، وفي بعض الأحيان لم يكن ينقصه الغدر والخداع.

لكنّ نورس البحر لم يشك فيه، وعاش الاثنان دائمًا بودية للغاية، وفي هذه الأزمنة البعيدة في شمال البلاد كان العالم كله مظلماً ولم يكن هناك ضوء سوى ضوء النجوم، كان نورس البحر يمتلك ضوء النهار، لكنّه كان بخيلًا جدًا واحتفظ به دائمًا مغلقًا في صندوق، لم يعطها لأي شخص آخر، ولم يتركها خارج الصندوق أبدًا إلا عندما يحتاج إلى القليل منها لمساعدة نفسه عندما كان يذهب بعيدًا في رحلاته.

بعد فترة، شعر الغراب بالغيرة من امتلاك نورس البحر ضوء النهار، وقال: ليس من العدل أن يبقي ضوء النهار كله له محبوسًا في صندوق، كان مخصصًا للعالم كله وليس له وحده، وسيكون ذا قيمة كبيرة لنا جميعًا إذا كان يسمح أحيانًا بإخراج القليل منه، لذلك ذهب إلى نورس البحر وقال: أعطني بعضًا من ضوء نهارك، لكنّ نورس البحر قالت: لا، أريد كل الضوء لنفسي.

ماذا يمكنك أن تفعل أنت مع ضوء النهار، وأنت بمعطفك الأسود طوال الليل؟ ولم يعطيه شيئًا منه، لذلك قرر الغراب أنّه سيتعين عليه الحصول على بعض ضوء النهار من النورس عن طريق التخفي، بعد ذلك بوقت قصير، جمع ريفين بعض الأشواك الشائكة ونثرها على الأرض بين منزل النورس البحري والشاطئ حيث كانت الزوارق ملقاة.

ثمّ ذهب إلى نافذة نورس البحر وصرخ بصوت عالٍ: زوارقنا تطفو في الأمواج. تعال بسرعة وساعدني في إنقاذها، قفز نورس البحر من السرير وركض وهو نصف نائم على قدميه العاريتين، ولكن بينما كان يركض إلى الشاطئ، علقت الأشواك في لحمه العاري، وكان يتأوه من الألم، ثمّ زحف عائداً إلى منزله، قائلاً: قد يغرق قاربي إذا شاء، لا أستطيع المشي بسبب الشظايا في قدمي.

ضحك الغراب وابتعد متظاهرًا بالذهاب إلى الشاطئ لركوب الزوارق، ثمّ ذهب إلى منزل النورس الذي كان لا يزال يعوي من الألم، كان جالسًا يبكي على جانب سريره وكان يحاول سحب الأشواك من قدميه قدر استطاعته. قال الغراب: سوف أساعدك، لأننّي فعلت هذا كثيرًا من قبل، أنا طبيب جيد جدًا.

فأخذ خرامًا مصنوعًا من عظم الحوت وأمسك بقدم النورس بحجة إزالة الأشواك، ولكن بدلاً من إخراجهم، دفعهم فقط إلى مسافة أبعد حتى صرخ النورس بصوت أعلى من أي وقت مضى، وقال الغراب: الجو مظلم للغاية ولا أستطيع الرؤية لسحب هذه الأشواك من قدميك، أعطني بعض ضوء النهار وسأعالجك قريبًا، يجب أن يكون لدى الطبيب دائمًا القليل من الضوء.

لذا فتح النورس الصندوق ورفع الغطاء قليلاً فقط حتى خرج وميض خافت من الضوء، قال الغراب: هذا أفضل، لكن بدلًا من أن يخرج الأشواك دفعهم للداخل كما فعل من قبل حتى صرخ النورس وركل من الألم، فقال الغراب: لماذا أنت بخيل جدا مع نورك؟ هل تعتقد أنني بومة ويمكنني أن أرى جيدًا في الظلام لأشفي قدميك؟ افتح الصندوق على مصراعيه وسأجعلك جيدًا قريبًا.

ففتح الغطاء وخرج ضوء النهار وانتشر بسرعة في جميع أنحاء العالم، بذل نورس البحر  قصارى جهده لإعادته مرة أخرى إلى الصندوق، لكنّ جهوده باءت بالفشل فقد ذهبت إلى الأبد، ثمّ قال الغراب إنّه آسف جدًا للحادث، ولكن بعد أن أخذ كل الأشواك من أقدام نورس البحر، عاد إلى المنزل ضاحكًا على نفسه وكان سعيدًا بسبب نجاح خدعته.

سرعان ما كان هناك ضوء في كل العالم، لكنّ الغراب لم يستطع الرؤية جيدًا، لأنّ الضوء كان شديد السطوع ولم تكن عيناه معتادتين عليه، جلس لبعض الوقت ناظرًا نحو الشرق، لكنّه لم ير شيئًا يثير الاهتمام، وفي اليوم التالي رأى مسافة أبعد قليلاً، لأنّه اعتاد الآن على الظروف الجديدة، وفي اليوم الثالث استطاع أن يرى بوضوح خط تلال بعيدة في الشرق، ترتفع مقابل السماء ومغطاة بضباب أزرق.

نظر طويلاً إلى مشهد غريب، ثمّ رأى بعيدًا نحو التل عمودًا رقيقًا من الدخان يرفع السماء نحو الأعلى، لم يسبق له أن رأى دخانًا من قبل، لكنّه كثيرًا ما سمع به من مسافرين في أماكن غريبة، وقال: يجب أن يكون هذا هو البلد الذي قيل لي، حيث في تلك الأرض يسكن الأشخاص الذين يمتلكون النار بمفردهم، لقد بحثنا عنها لعصور عديدة والآن أعتقد أننا وجدناها.

ثمّ فكر: لدينا الآن ضوء النهار، ويا ​​له من شيء رائع إذا كان بإمكاننا أيضًا الحصول على النار، وقرر الشروع في العثور عليها، وفي اليوم التالي دعا خدمه وأخبرهم عن خططه وقال: ننطلق حالاً، فإنّ المسافة بعيدة، وطلب من ثلاثة من أفضل خدامه، العصفور الخلد والبرغوث، أن يذهبوا معه، ثمّ  أخرج البرغوث عربته الصغيرة وحاولوا جميعًا الدخول إليها، لكنها كانت أصغر من أن تستوعبهم.

ثم جربوا عربة الخلد، لكنّها كانت ضعيفة للغاية، وبالكاد بدأت تتحرك عندما تعطلت وسقطوا جميعًا، ثمّ جربوا عربة العصفور لكنّها كانت عالية جدًا وانقلبت وسقطوا جميعًا على الأرض، ثمّ سرق الغراب عربة نورس البحر القوية الكبيرة عندما كان نائمًا، وبدأوا في رحلتهم بالتناوب في دفع العربة جنبًا إلى جنب مع عمود فوق السهل المسطح.

بعد رحلة غريبة في أماكن غريبة، وصلوا إلى أرض أصحاب النار، مسترشدين بعمود الدخان الرقيق، لم يكن الناس من أهل الأرض، ويقول البعض إنهم كانوا شعب السمكة، ثمّ جلسوا في دائرة كبيرة وكانت النار في وسطهم، لأنّه كان الخريف وكان النهار والليل بارداً، وكانت النار في أماكن كثيرة. بحث الغراب لفترة من الوقت من بعيد وهو يفكر في أفضل خطة للحصول على النار.

ثمّ قال للعصفور: يمكنك أن تتحرك أسرع من أي منا، يجب أن تسرق النار. يمكنك أن تطير بسرعة، وتلتقطها وتعيدها إلينا ولن يراك الناس ولن يسمعوك، لذلك اختار العصفور مكانًا كان فيه عدد قليل من الناس، وانطلق بسرعة وسرق جزء من النيران وعاد إلى رفاقه سالماً، لكنّه لم يأخذ سوى القليل جدًا منها، و عندما عاد في منتصف الطريق إلى أصدقائه، كانت النار شديدة الحرارة في ذيله لدرجة أنه شعر بألم غريب وكان عليه أن يسقطها على الأرض.

سقطت على الأرض وكانت صغيرة جدًا، دعا العصفور رفاقه لإحضار العربة، ثمّ وقف فوق النار وقام بتهويتها بجناحيه لإبقائها حية، كان الجو حارًا جدًا، لكنّه وقف بشجاعة في مهمته حتى احترق صدره بشدة واضطر إلى الابتعاد، ولم تنفع جهوده لإنقاذ النار، وقبل أن يصل إليه أصحابه انطفأت النار، ولم يبق إلا الفحم الأسود، ثمّ طلب الغراب من البرغوث القيام بمحاولة لسرقة النار.

لكنّ البرغوث قال: أنا صغير جدًا، الحرارة ستشويني حتى الموت، ثمّ طلب الغراب من الخلد أن يحاول، لكنّ الخلد قال: لا، سيحترق فروي بالكامل مثل صدر العصفور، فقال الغراب: هناك طريقة أفضل وأسهل، سوف نسرق طفل الرئيس ونحتجزه مقابل فدية وربما يعطوننا النار في مقابله، وكانوا جميعًا يعتقدون أن هذه كانت فكرة جيدة جدًا.

سأل الغراب: من سيتطوع لسرقة الطفل؟ قال البرغوث: سأذهب في قفزة واحدة سأدخل المنزل، لكنّ الآخرين ضحكوا وقالوا: لا يمكنك حمل الطفل؛ أنت صغير جدًا، قال الخلد: سأذهب، يمكنني حفر ممر بهدوء شديد أسفل المنزل وصولاً إلى مهد الطفل، يمكنني بعد ذلك سرقة الطفل ولن يسمعني أحد أو يراني.

لذلك تم الاتفاق على أن الخلد يجب أن يذهب، وفي غضون دقائق قليلة، شق الخلد نفقه، وسرعان ما عاد مع الطفل، ثمّ صعدوا إلى عربتهم وهرعوا إلى المنزل حاملين جائزتهم، وعندما اكتشف رئيس النار الناس فقدان طفله كان غاضبًا جدًا، وبكت أم الطفل بمرارة، ثمّ قال الرئيس إنه سيعطي أي شيء لديه لمن يجد طفله، وعلى الرغم من أن رجاله بحثوا في كل مكان، لم يتمكنوا من العثور على الطفل.

بعد عدة أيام، أحضر لهم مسافر كان بعيدًا عن المياه العظيمة في الغرب أخبارًا تفيد بأن طفلًا غريبًا يعيش بعيدًا إلى الغرب في القرية على البحر وقال: ليس من قبيلتهم، إنّه يشبه أبناء قريتك، ونصحهم بالذهاب لرؤيته بأنفسهم، فأرسل الرئيس رجاله ليبحثوا عنه، وعندما وصلوا إلى قرية الغراب تم وصف الطفل لهم.

وعندما وصلوا الغراب قال: إذا كنتم تريدونه يمكنكم أن تدفعوا ثمنه، فرجع الرسل وأخبروا الرئيس بما سمعوه، لذلك أعطى الرسل هدايا قيمة للغاية من اللؤلؤ والأثواب الغنية وأعادهم مرة أخرى لفدية ابنه، لكنّ الغراب قال: أنا لا أريد هذه الهدايا، إنّها لاتهمني، فلما سمع الرئيس هذا من رسله أصابه الحيرة، لأنّه قدم أفضل ما لديه.

فقال: ارجعوا وأخبروه بما يريد مقابل ابني وسيحصل عليه إذا أمكن توفيره، فرجع الرسل إلى الغراب وتحدثوا معه، فقال الغراب: شيء واحد فقط مقابل الطفل وهو النار، أعطني النار ويمكنك أن تأخذ الطفل، ضحك الرسول وقال: لماذا لم تقل هذا في البداية وتنقذنا من هذا القلق؟ النار أكثر ما في مملكتنا، ولا قيمة لها.

لذلك عادوا سعداء للرئيس، وأعطوه الكثير من النار واستقبلوا الطفل سالمًا وأرس الغراب حجرين صغيرين علمّ الرسل كيفية استخدامها، وقال لهم: إذا فقدتم النار أو انطفأت، يمكنكم دائمًا إعادتها إلى الحياة بهاتين الحجرتين الصغيرتين، ثمّ علمهم كيف يصنعون النار بالحجرين الصغيرين والعشب ولحاء البتولا والصنوبر الجاف، وشعر بالفخر لأنه جلب النار والنور إلى الأرض، وهكذا جاءت النار للهنود في الأيام السابقة، حيث يستخدمون أحجار  الصوان لإعادتها إلى الحياة.


شارك المقالة: