يقول المثل الشهير: حبل الكذب قصير، فمهما استطاع الكاذب أن يقوم بإخفاء كذبته والتمادي بها؛ فلا بد له أن يتم اكتشاف أمره في النهاية، سنحكي في قصة اليوم عن لص حاول أن يسرق الثيران من المزارع، ولكن عندما ذهبا إلى حكيم القرية ليحكم بينهما، استطاع الحكيم أن يكتشف كذبة اللص المحتال ويقوم بتلقينه درساً لن ينساه.
قصة من هو صاحب الثيران
كان هنالك مزارع فقير يعمل بأرضه، كان هذا المزارع دائماً ما يشعر بالحزن الشديد؛ وذلك لأنّه كان يقترض الثيران من غيره لحراثة الأرض التي يعمل بها، مضت سنوات طويلة وهو على هذا الحال، فكّر في نفسه وقال: يجب علي أن أجمع المال الكافي لشراء الثيران كي أستطيع حراثة أرضي بنفسي دون الاقتراض من أحد.
وبالفعل بعد مضي وقت استطاع هذا المزارع أن يجمع المال ويشتري الثيران من السوق، عاد بها وكان سعيداً إذ أنّه لن يعد بحاجة لاقتراض الثيران من غيره، وسيحصل بذلك على مكسب جيّد أيضاً؛ فهو يفكّر في أن يقرض هذه الثيران لغيره مقابل الأجر.
وفي صباح اليوم التالي خرج المزارع من بيته ويسوق الثيران بيديه، وقام بحراثة أرضه كلّها يميناً وشمالاً، بعد الانتهاء من حراثة الأرض ترك الثيران كي ترعى وتأكل وتشرب لوحدها بين الأعشاب، وكي تستريح بعد عمل يوم شاق، ذهب المزارع وجلس تحت شجرة ليستظلّ بها، ولكن فجأةً غلبه النعاس ونام.
غرق المزارع في النوم لوقت طويل من شدّة تعبه، وفي هذه الأثناء كان هنالك شخص يراقب هذا المزارع، وعندما رآه مستغرقاً في النوم خطّط لسرقة الثيران، تسلّل هذا اللص وبدأ بسحب الثيران من حبالها شيئاً فشيئاً، ولكنّه عندما ركض ليفرّ هارباً صاحت الثيران واستيقظ المزارع من نومه.
عندما رأى هذا اللص يهرب بثيرانه ركض عليه واستطاع إمساكه، عندما أمسكه من رقبته صاح به وقال: يا أيّها اللص اللعين تريد سرقة ثيراني، هل تعتقد أنّك ستنجو من عقابي؟ رد عليه اللص متظاهراً: ماذا تقول أيها الرجل تلك الثيران لي؟ لقد اشتريتها يوم أمس من السوق وهي ملكي أنا، اندهش المزارع من كلام هذا اللص المحتال وقال له: ما هذا الهراء؟ هذه ثيراني أنا، وأنا الذي اشتريتها أمس من السوق.
قرّر المزارع أن يعود لقريته ويقوم برفع دعوى ضد هذا اللص الذي يدعّي بأن الثيران له، كان اللص يمتلك حيلة ذكية فقام برفع دعوى مشابهة لدعوى هذا الرجل، وتتضّمن هذه الدعوى أن هذا المزارع يريد سرقة الثيران منه، في بداية الأمر طلب القاضي شهادة أهل القرية، ولكن هذه الخطوة لم تنجح مع المزارع أو اللص؛ وذلك لأن المزارع كان قد اشترى ثيرانه منذ يوم واحد، ولم يره أحد ولم يستطع إثبات ملكيته لهم والحصول على شهادة أهل القرية.
أمّا اللص فلا أحد يعرفه من أهل القرية ليشهد له؛ فلم يستطع هو كذلك إثبات ملكية الثيران، لذلك قرّر كلاهما أن يذهب لحكيم القرية، كان هذا الحكيم يمتلك الكثير من الحكمة والدهاء ومهارة بحل المشاكل والقضايا، وعندما سمع بقضية الرجلان قام بتوجيه سؤال لهما، وبدأ بتوجيه السؤال إلى اللص أوّلاً وقال له: أخبرني ماذا أكلت ثيرانك هذا الصباح؟ فأجابه اللص: لم تأكل سوى بعض الأرز والأعشاب.
وعندما قام بتوجيه السؤال للمزارع رد عليه: أنا رجل فقير ولا أملك سوى أن أجعل ثيراني تأكل من الأعشاب، وقتها قام الحكيم بدفع الثيران للقيء كي تخرج ما في بطنها، وعندما رأى أنّها لم تأكل سوى الأعشاب ولا يوجد في بطنها الأرز كما ادعّى اللص، استطاع اكتشاف السارق والكاذب بينهما.
أخذ المزارع ثيرانه وعاد بها سعيداً إلى أرضه، بعد أن تم إثبات ملكيتها له، وتعلّم درساً أن لا يقوم بإهمال هذه الثيران مرّةً أخرى، وأن لا ينام إلّا بعد ما تشبع ثيرانه تماماً؛ من أجل أن لا يقع بمتاعب مع اللصوص المحيطة به، أمّا اللص المحتال فنصحه الحكيم أن لا يعود للسرقة مرةً أخرى، وأن يعتمد على نفسه لكسب المال كي لا يتعرّض لهذا الامر مرّةً أخرى؛ شعر اللص بالخجل الشديد لفعلته ووعد الحكيم أن يتوقّف عن أفعاله وأن يبحث عن عمل ليكسب منه المال.