قصة موت للكاتب باري لوبيز

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر هذه القصة من القصص القصيرة التي صدرت عن الكاتب والأديب الأمريكي باري لوبيز، وقد تناولت في مضمونها الحديث في البداية حول حادثة وقعت مع الأم في السابق وبقيت متأثرة بها إلى زمن طويل، ولكنها في النهاية كانت قصة موت الكائن الحي الأول فيه راحة للأم، ومن جهة أخرى تم التطرق للحديث حول وفاة كلب لطفل وكذلك كان قد تأثر في تلك الحادثة إلى فترة طويلة من الزمن، وفي قصة الموت تلك لم يكن هناك راحة للابن.

قصة موت

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول أحد الفتية الذي يقص ما حدث لوالدته في يوم من الأيام، حيث أنها كانت والدته قد تعرضت إلى لدغة أنثى العنكبوت، وهي ما يتم وصفها في العادة بتلك الأرملة السوداء، وقد تعرضت والدته لتلك اللدغة في أحد الأيام بينما كانت في رحلة على متن القطار، وفي تلك الرحلة كانت والدته متوجهه من مدينة بيرمنجهام إلى مدينة موبيل، وقد حدث معها ذلك حينما كانت فتاة صغيرة في السن، وفي تلك الرحلة كانت تحمل بين يديها جرة صغيرة مزروع بها أحد أنواع الزهور التي تعرف بزهرة مسك الغرب.

فيقول الفتى: إذ أن والدتي كانت ترغب في أن تقدمها كهدية لعمتها، ولكن ما حدث أن خرجت أنثى العنكبوت من بين أوراقها تلك الزهرة وعضت أصابعها، وهنا سرعان ما قامت والدتي بقذف الجرة ورميها من حجرها بعيداً عنها في ممر القطار، وأصيبت بحالة من الرعب وبدأ جسدها يتصبب عرق، وعلاوة على ذلك أصيبت بضيق في التنفس، وعلى الفور همّ جموع من الركاب الذين كانوا يجلسون بالقرب منها من أجل مساعدتها، وأكثر ما تتذكره والدتي في تلك اللحظة أن هناك رجل قد قتل أنثى العنكبوت على أرضية العربة.

وقد كانت تلك الحادثة قد بقي لها تأثير كبير على نفسية والدتي طوال الوقت، حيث أنها في أحد الأيام قد شاهدت أنثى عنكبوت في موقف سيارتنا، وقد كان ذلك الموقف ضيق جداً يتسع لسيارة واحدة فقط، وكانت أرضيته من التراب، وهنا حينما شاهدتها والدتي من نافذة المطبخ قريبة مني سرعان ما صرخت وطلبت مني أن أبتعد عنها، كما أشادت بي أن أنادي أي شخص من أجل أن يقتلها، وبالفعل وقفت على بعد بضعة أقدام من أنثى العنكبوت، ولكنني في تلك اللحظة كنت أمعن النظر في تلك الأنثى وأتخيلها بأنها كأس من السم حسب وصف والدتي لها.

وفي لحظة ما وجدت والدتي قد أصبحت بقربي وسرعان ما طرقتي وهو يعتريها الانفعال والغضب، حينما رأتني معجب بالعنكبوت، وأنني أحدق فيها وكأني طائر ينظر لانعكاس صورته على وجه الماء، وهنا قدم رجل آخر وقتل الأنثى باستخدام لوح خشبي، ولكن أخطأ عدة مرات في في القضاء عليها وبينما كانت تجرى الأنثى هنا وهناك صرخ الرجل بوالدتي أن تبتعد من لك المكان، وهنا سرعان ما أدخلتني إلى المنزل وبدأت في مراقبة ما يحدث عبر نافذة في غرفة المعيشة من وراء الستائر، وأخيراً قال الرجل لوالدتي أنه تمكن منها وقتلها وأراها إياها وانصرف.

وفي أحد الأيام من شهر يوليو وبينما كانت الرياح في ذلك اليوم تهب فوق أشجار أوكالبتوس، كان هناك صوت يظهر قليلاً ثم بعد ذلك يختفي، وهنا أصبح لدي فضول في معرفة ذلك الصوت، وحين بحثت وجدت أن هناك ثلاثة رجال في سيارة وفي تلك الأثناء صدموا كلبي بسيارتهم، وقد أودوا بحياته، وهنا بدت الحياة في نظري وكأنها لوحة قد تم تمزيقها، وهنا توجهت نحو كلبي بسرعة ووضعت رأسه بين أذرعي وأخذت بالبكاء.

وفي تلك اللحظة حاولت أن يقوم بأي شيء من أجل أن أطمئن بها أنه على قيد الحياة، فجلبت كأساً من الماء وطبق من الطعام، ولكن دون جدوى فقد فارق كلبي الحياة، وقد كان هؤلاء الرجال الثلاثة الذين يعتلون تلك السيارة ذات اللون الأخضر فصيلة معروفة لدى كل صبي يقيم في جنوب كاليفورنيا؛ وذلك لأنهم لم يتركوا أي حيوان أليف يقوم الصبية بتربيته إلا وهموا بقتله بتلك السيارة، حيث أنهم كانوا باستمرار يعتلون تلك السيارة والتي تقف في الوقت الحالي بينما يتركون محركها يدور في وسط الشارع وسقفها مفتوح وأنوار كوابحها مضيئة، وجميعهم ينظرون إلى الخلف من فوق مقاعدهم؟

وفي تلك اللحظة خرجوا من تلك السيارة وساروا إلى الخلف، وقد تركوا أبواب السيارة مفتوحة، ثم جلسوا لبعض الوقت تحت شجرة أوكالبتس السامقة يرتدون السراويل ذات اللون الكاكي الأنيقة وقمصان بيضاء قصيرة الأكمام، وهم ما يعرفون لدى الجميع بأبناء البحرية، وكنت على الدوام أراقب تصرفاتهم، إذ أردت أن أنتقم لكلبي.

ولكن في ذلك الوقت لم أكن استمع قواي، فعدت إلى المنزل حاملاً كلبي بين يداي، وهنا وضعت أمي يداً فوق كتفي محاولة بذلك التخفيف من مأساتي، إلا أنني لم أستطع سماعها أو سماع أي صوت من حولي، وكل ما أسمعه هو صوت الريح في الأشجار والنار التي تشتعل بداخلي على كلبي، وفي لحظة ما اقترب منا الرجال وقد كانت عيونهم على الكلب، وهنا جذبت المزيد من جسده إلى حجري، ولكنهم قاموا بأخذ الكلب مني من حجري.

فلم أقوى على الكلام وذهبت للجلوس تحت ظل أشجار أوكالبتوس، وفي تلك اللحظة بعد أن التفت كثيراً من حولي محاولاً رؤية الكلب ولو للحظة فقدت توازني وفرغت بالصراخ، وتوجهت نحو الشاطئ وسقطت في الماء البارد وأنا ما زلت أصرخ، وبقيت هكذا إلى أن جاء أحدهم يصرخ، وسرعان ما توجه إلى والدتي وأخبرها بحالتي، وبعد عدة محاولات لإخراجي من البحر ومحاولة والدتي تهدئتي وهي تذرف الدموع من عينيها وتضمني بحضنها إلى أن وصلت سيارة الإسعاف.

وأذكر أنه تم وضعي في الداخل، وفي تلك السيارة حين تم وضع الإملاءات الباردة فوقي، إذ شعرت براحة كبيرة، وما إن وصلت إلى المستشفى سرعان ما تم إسعافي، ثم بعد ذلك عدت مع والدتي إلى المنزل، وبعد أن أخذت قسطاً من الراحة، توجهت من أجل زيارة أحد أكثر الأصدقاء المقربين مني وهو ما يدعى باكارد.

وفي ذلك الوقت كانا والدا باكارد غائبين عن المنزل، وهنا قمنا بقذف جذوع أشجار الخوخ في الحديقة بمجموعة من حبات الفواكه التي كانت ملقيه على الأرض، كما قمنا بمسح أرضية الكوخ في وجهنا كما ملأ كل منا شعر الآخر بالطين، وبدأنا بمداعبة بعضنا البعض بكل حماس مع العديد من الصرخات متقطعة على ذلك الغباء المبالغ فيه والذي يشكل صداقتنا الحقيقة، وحين قضيت وقتاً ممتعاً في اللعب مع صديقي المفضل، عدت إلى المنزل وحين شاهدتني والدتي بأنني أصبحت أفضل حالاً وعدتني بأن تشتري لي كلباً جديداً في صباح اليوم التالي.

المصدر: كتاب حول هذه الحياة - باري لوبيز


شارك المقالة: