قصة وجوه من الأدب الياباني

اقرأ في هذا المقال


يُعتبر المؤلف والأديب ياسوناري كاواباتا وهو من مواليد دولة اليابان من أبرز الكُتاب الذين أهلهم إبداعهم في الكتابة النثرية واللغة الراقية التي استخدموها في كتابة الشعر إلى الحصول على جائزة نوبل للأدب، على الرغم من أنه كان قد خاص في مهنة التأليف وكتابة الشعر في سن مبكر، وقد كان أول الكُتاب من أصول يابانية يحصل على تلك الجائزة العالمية، كما ترجمت الغالبية العظمى من مؤلفاته إلى اللغة الإنجليزية العالمية واللغة العربية.

قصة وجوه من الأدب الياباني

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول أحد الفتيات التي كان يمتلكها شغف في التمثيل على خشبة المسرح، فمنذ كانت في السادسة من عمرها إلى أن بلغت الخامسة عشر من عمرها لم تقوم بفعل أي شيء، إلا أنها كانت تبكي على خشبة المسرح، حيث كانت تصور مراحل حياتها، كما كان كل شخص يقوم بحضور مسرحياتها يبكي مثلها.

وعلى خشبة المسرح كانت قد شكلت الفكرة التي تشير إلى أنّ الجمهور سوف يبكي على الدوام في حال بكت، وبينما كانت تترجم أول تصور لها عن حياتها الخاصة وصلت إلى مرحلة بدت وكأنها على معرفة بكافة وجوه الجمهور، إذ بدت وكأنها جميعها موحية بأنهم سوف يأخذون في البكاء، في مجرد ما شاهدوها على خشبة المسرح، وبما أنها كانت لديها خبرة واسعة في فهم الوجوه ومعرفة ما بداخلها، لم يكن هناك أي صعوبة تواجهها في فهم وجه واحد، فإن العالم بدا لها وجه سريع الفهم بكل طواعية.

وحين وصلن إلى سن السادسة عشر من عمرها لم يكن هناك أي ممثل في الفرقة بأسرها قادر على أن يدفع مثل تلك الجموع الحاشدة إلى البكاء على نحو ما كانت تفعله تلك الممثلة الصغيرة، وفي تلك المرحلة من عمرها أقدمت على الزواج وسرعان ما أنجبت طفلة.

لكن كان وجه الطفلة غريب، إذ كان يشير والدها إلى أنها ليست ابنته، وقد كان يبرر قوله هذا بأنها لا تشبهه من جميع النواحي، وهذا ما جعله على الدوام ينكر أنها ابنته، ورفض أن يعترف بها وبوجودها، حتى أنه وصل به الأمر إلى رفع مسؤوليته عنها بالكامل، وفي ذلك الوقت أقرت الفتاة أن تلك الطفلة لا تشبهها أبداً كذلك لكنها في الحقيقة ابنتها.

كان وجه الطفلة بالنسبة إلى والدتها هو أول وجه على الإطلاق لم تقوى على فهم ملامحه، وهنا بدأت حياتها في فن التمثيل على خشبة المسرح كممثلة صغيرة يقضي عليها، فحينما ولدت هذه الطفلة أصبحت تصور تلك المرحلة من حياتها على أنه هناك خندق مائي هائل بين خشبة المسرح وبين حياتها، حيث بكت في تصورها لتلك المرحلة أيضاً على المسرح ودفعت الجمهور للبكاء معها، وبينما كانت تصور عالم الواقع وتطلعها باتجاه ذلك الخندق المائي، أدركت أنه مفعم بالسواد، وتراءت في الظلمة وجوه عصية على الإدراك والفهم، لا حصر لها إذ بدت لها وكأنها مثل وجه طفلتها.

وفي أحد الأيام عزمت على هجر والد الطفلة إلى الأبد، ثم مع مرور الأعوام بدأ يتراوح في معتقداتها أن وجه طفلتها يشبه وجه والدها، ومن هنا بدأت الطفلة تُقدم على أداء العروض المسرحية مع والدتها، وهذا ما جعل الجموع الحاشدة تدفع للبكاء بشكل أكثر، فقد كانت ما زالت صغيره جداً على تلك التجارب ومشاهدة البكاء أمامها في تلك الفترة من عمرها.

ومع تقدم أيام قليلة حتى هجرت الأم طفلتها، حيث بدأت الطفلة في تلك المرحلة من عمرها تشبه محيا والدتها، ومع مرور السنين التقت الطفلة والتي أصبحت في مرحلة الشباب في تلك الفترة مع والدها، والذي كان يعمل في ذلك الوقت كممثل متجول في المسارح الريفية، ومن هناك علمت بالمكان الذي تعيش به والدتها.

وهنا سرعان ما توجهت للبحث عن والدتها، وما إن وجدتها ونظرت إليها نظرة واحدة، حتى انغمرن في البكاء الشديد وتعانقن، وقد كانت أمها للمرة الأولى تشاهدها وهي شابة بعد أن هجرتها وهي طفلة، وللمرة الأولى أيضاً على الإطلاق كان بكاؤها صادق.

في الحقيقة كان وجه الطفلة يشبه إلى حد كبير وجه جدتها من جهة أمها، وكما أن والدتها لم تبدو شبيهة بأمها، فإنها والطفلة لم تكونا متشابهتين على الاطلاق، لكن الجدة والحفيدة كانتا نسختين طبق الأصل عن بعضهما البعض، وبينما كانت تنغمر في البكاء على صدر والدتها، أدركت أنها صادقة في شعورها عندما تنغمر في البكاء، على غرار التمثيل أثناء طفولتها.


شارك المقالة: