قصيدة - ألا هل إلى شم الخزامى ونظرة

اقرأ في هذا المقال


ما لا تعرف عن مناسبة قصيدة “ألا هل إلى شم الخزامى ونظرة”:

وأمّا عن مناسبة قصيدة “ألا هل إلى شم الخزامى ونظرة” فيروى بأنه وبينما كان أبو عيسى بن الرشد في طريقه إلى الحج ومعه رجاله وكان معه رجل يدعى علي بن صالح، وبينما هم سائرون في الليل، مرّوا برجل يترنم بأبيات من الشعر من أجمل الأبيات، فلم يسمعوا من قبل مثيلًا لها، وكان يقول فيها:

أَلا هَل إِلى شَمِّ الخُزامى وَنَظرَةٍ
إِلى قَرقَري قَبلَ المَماتِ سَبيلُ

فَأَشرَبَ مِن ماءِ الحُجَيلاءِ شَربَةٍ
يُداوي بِها قَبلَ المَماتِ عَليلُ

فَيا أَثَلاتِ القاعِ قَد مَلَّ صُحبَتي
مَسيري فَهَل في ظِلِّكُنَّ مَقيلُ

وَيا أَثَلاتِ القاعِ ظاهِرُ ما بَدا
بِجِسمي عَلى ما في الفُؤادِ دَليلُ

وَيا أَثَلاتِ القاعِ مِن بَينِ توضِحٍ
حَنيني إِلى أَفيائِكُنَّ طَويلُ

وكان يقول أيضًا:

أحجاج بيت الله في أي هودج
 وفي أيِّ خِدْرٍ مِنْ خُدُورِكُمُ قَلْبي

أأبْقى أسِيرَ الحُبِّ في أرضِ غُرْبة ٍ
 وحادِيكُمُ يَحْدو بقلبي في الركْبِ

فقال أبو عيسى: أحضروا لي هذا الرجل، فتفرق الرجال في طلبه يمنة ويسرة، وبعد لحظات أحضره أحد الرجال وقد كان هزيل الجسم، نحيل البدن، فقال له أبو عيسى: من أنت؟، هل بك بعض من الهبل؟، فقال له الرجل:

أَنا الوامِقُ المَشغوفُ وَاللَهُ ناصِري
وَمُنتَقِمي مِمَّن يَجورُ وَيَظلِمُ

أَنا الناحِلُ المَهمومُ وَالقائِمُ الَّذي
أُراعي الثُرَيّا وَالخَلِيّونَ نُوَّمُ

أَظَلُّ بِحُزنٍ دائِمٍ وَتَحَسُّرٍ
وَأَشرَبُ كَأساً فيهِ سُمٌّ وَعَلقَمُ

فَحَتّامَ يا لَيلى فُؤادي مُعَذَّبٌ
بِروحِيَ تَقضي ما تُحِبُّ وَتَحكُمُ

لَعَمرِيَ ما لاقى جَميلُ بنُ مَعمَرٍ
كَوَجدي بِلَيلى لا وَلَم يَلقَ مُسلِمُ

فعرف أبو عيسى بأنه مجنون ليلى ” قيس بن الملوح ” فقال أبو عيسى له: ألاى تحن إلى ديارك وإلى ليلى؟، لكي يرتاح قلبك، فقال قيس بن الملوح:

تَعَزَّ بِصَبرٍ لا وَجَدِّكَ لا تَرى
بَشامَ الحِمى أُخرى اللَيالي الغَوائِرِ

كَأَنَّ فُؤادي مِن تَذَكُّرِهِ الحِمى
وَأَهلِ الحِمى يَهفو بِهِ ريشُ طائِرِ

فقال علي بن صالح: والله لقد أبكيتنا جميعًا، ثم أمر له أبو عيسى بثوب شريف ودراهم كثيرة، فقالوا في الأمير إنه لمجنون فقيس لا يلبس ثوبًا إلّا رماه، فأخذ قيس يبكي ويقول:

وَإِنّي وَإِن لَم آتِ لَيلى وَأَهلَها
لَباكٍ بُكا طِفلٍ عَلَيهِ التَمائِمُ

بُكاً لَيسَ بِالنَزرِ القَليلُ وَدائِمٌ
كَما الهَجرُ مِن لَيلى عَلى الدَهرِ دائِمُ

هَجَرتُكِ أَيّاماً بِذي الغَمرِ إِنَّني
عَلى هَجرِ أَيّامٍ بِذي الغَمرِ نادِمُ

فَلَمّا مَضَت أَيّامُ ذي الغَمرِ وَاِرتَمى
بِيَ الهَجرُ لامَتني عَلَيكِ اللَوائِمُ

وعنما أكمل شعره ظهر له غزالان من أسفل الجبل، فنزل عندهما، وأخذ ينظر إليهما ويبكي ويقول:

أيا جبل الثلج الذي في ظلاله
غزالان مكحولان مؤتلفان

غزالان شبا في نعيم وغبطة
وَرَغْدَة ِ عَيْشٍ نَاعمٍ عَطِرَانِ

أرَغْتُهمَا خَتْلاً فَلَمْ أسْتَطِعْهُما
فَفَرَّا وَشِيكاً بَعْدَ مَا قَتَلاني

خليلي أمّا أم عمرو فمنهما
وأمَّا عَنِ الأُخْرَى فَلاَ تَسلاَنِي


شارك المقالة: